يشهد العالم أشد السنوات حرارة هذا العام وكانت الشهور الستة الأولى أعلى من نظيرتها التي سجلت عام 2008 بواقع 3 درجات مئوية وأدت الحرارة المرتفعة إلى انتشار الجفاف في أنحاء كثيرة من العام ما أثار قلق المزارعين وأهلكت المحاصيل في بعض المناطق من العالم.
| <table valign="top" class="pictable" align="left" bgcolor="#fff5e6" border="0" cellpadding="0" cellspacing="0" height="100%" width="100%"> <tr> <td class="piccell" align="center" valign="middle"> </td> </tr> </table> |
ونقلت قناة "تي آر تي" التركية عن تقرير أمريكي بشأن المناخ إن ظاهرة النينو وأمواج المد المائية على شواطئ المكسيك مسئولة عن ارتفاع درجات الحرارة في العالم.
وقال جاي لوريمور رئيس قسم تحليل المناخ في المركز الاتحادي القومي للبيانات المناخية إن ظاهرة النينو التي شهدها العالم خلال الجزء الأول من العام انتهت الآن ولكنها أسهمت في ارتفاع درجات الحرارة ليس فقط في منطقة المحيط الهادئ الاستوائية بل في الارتفاع المفاجئ لدرجات الحرارة في العالم أيضاً، وسجلت ارتفاعات غير طبيعية في درجات الحرارة في مناطق واسعة في كندا وأفريقيا والمحيطات الإستوائية ومناطق في الشرق الأوسط.
وأوضح التقرير أن شمال تايلاند تعاني من جفاف هو الأشد منذ 20 عاماً فيما تعاني الأراضي الفلسطينية من أطول وأسوأ جفاف منذ العشرينيات وفي بريطانيا فإن هذا العام كان الأكثر جفافاً منذ عام 1929 وفي روسيا دمرت موجة من الحر الآخذ في التزايد ما يقرب 10 ملايين هكتار من المحاصيل وأدت إلى إعلان حالة الطوارئ في 17 إقليما وبلغ ذوبان جليد المحيط المتجمد الشمالي مستويات قياسية في حزيران الماضي.
وقال التقرير إن خبراء البيئة يتوقعون اعتدال درجات الحرارة في وقت لاحق من هذا العام مع انتهاء فترة ظاهرة النينو واحتمال حلول ظاهرة النينيا وهي تحدث تأثيراً عكسياً يؤدي إلى اعتدال متوسط في درجات الحرارة عالمياً فإنه من المحتمل ألا ينتهي عام 2010 بتسجيله العام الأكثر حرارة على الإطلاق حيث أن الارتفاع القياسي في درجات الحرارة في العالم لم يترجم إلى نفس النتائج في الولايات المتحدة.
وقال لوريمور إنه في الفترة من كانون الثاني حتى حزيران كان ارتفاع الحرارة في الولايات المتحدة الأيريكية أكثر بدرجة طفيفة عن المتوسط.
وقال التقرير إن الخريطة الجديدة التي أطلقتها بريطانيا على "غوغل إيرث" كانت لدراسة التأثيرات المحتملة لارتفاع درجة حرارة الأرض 4 درجات مئوية وتهدف هذه الخريطة إلى تزويد حكومات العالم بمعلومات عن ظاهرة الاحتباس المناخي وذكر هنري بلينغهام وزير الدولة للشئون الخارجية البريطاني أن حكومته عازمة على تعريف الناس بمخاطر التغير المناخي متعهداً بأن تكون حكومته الأكثر مراعاة للبيئة.
ويتزامن ذلك مع إعلان 21 مدينة إيطالية رفع حالة التأهب ضد موجة الحر الشديد التي تجتاح جميع أنحاء البلاد إلى الدرجة القصوى وذلك بعد تسجيل عدد من الوفيات وتوقع الخبراء أن تصل درجات الحرارة إلى 40 درجة مئوية وفي روما سجل مترو العاصمة العشرات من حالات الإغماء بسبب سخونة الجو وتزاحم الركاب ما رفع درجات الحرارة إلى الخمسين كما رفعت موجة الحر من استهلاك الكهرباء بسبب تزايد استخدام أجهزة التكييف ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في مناطق مختلفة من ايطاليا بالإضافة إلى حدوث عدة حرائق بمناطق متفرقة من اليونان بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
ويتوقع العلماء حدوث الأسوأ بأن تغمر المياه معظم المناطق خلال القرن الحالي وأن يصل عدد اللاجئين على مستوى العالم إلى 150 مليون لاجئ نتيجة التغير المناخي.
كما اكتشف العلماء حدوث تراجع في نسبة الجليد فوق جبل كلمنجارو منذ بداية القرن ال 20 حيث فقد الجليد الذي يغطي أعلى قمة في أفريقيا 80 بالمائة من حجمه وهو يشكل اليوم أحد أقوى الأدلة على مدى تأثير الاحتباس الحراري.
وتوقع خبراء مركز هادلي البريطاني أن ترتفع درجة حرارة الأرض خلال المائة سنة القادمة بين 1.4 و5.8 درجات والمستوى العام للترسبات سيتقلص وسيرتفع مستوى المياه وسيكون هناك تغيرات في التأثيرات المناخية بسرعة كبيرة حيث ستكثر الفيضانات.
وأعلنت جمعية الحفاظ على الحياة البرية في الولايات المتحدة في تقرير لها صدر كانون الأول الماضي أن 12 مرضاً مميتاً من المرجح أن ينتشر بشكل أكبر بسبب التغيرات المناخية ودعت الجمعية إلى مراقبة أفضل لصحة الحيوانات البرية للمساعدة في إعطاء إنذار مبكر بشأن كيفية انتشار العوامل المسببة للمرض مع دفء الأرض وحددت من هذه الأمراض انفلونزا الطيور والبابيزيا والكوليرا والايبولا والطفيليات والطاعون وتكاثر الطحالب وحمى الوادي المتصدع وداء النوم والدرن والحمى الصفراء.
من جهة أخرى أكدت دراسة ألمانية صدرت عن معهد بوتسدام الألماني للدراسات المناخية في تشرين الأول الماضي أن التقلبات المناخية من شأنها تهديد حياة الكائنات البحرية الحية حيث تساعد على ارتفاع نسبة الحموضة في البحار والمحيطات وما ينتج عنه من انخفاض الأكسجين وتهديد النظام الطبيعي في البحار.
ويؤكد خبراء البيئة أن الدول الصناعية لعبت دوراً كبيراً في تلويث الأرض وارتفاع درجات حرارتها وتفاقم حالة اللااستقرار أو ما بات يعرف بظاهرة الاحتباس الحراري حيث دأبت كل دولة من هذه الدول على تطوير اقتصاداتها والانخراط في تنمية مستدامة تتجاهل تماما المعايير الخاصة بسلامة البيئة وتلك المتعلقة بصحة المكان والإنسان ومن بين التأثيرات السلبية الأخرى التي قد تترتب على تغير المناخ الانخفاض المحتمل لإنتاجية المحاصيل الزراعية ففي بعض البلدان الأفريقية مثلا قد تنحدر إنتاجية المحاصيل بنسبة قد تصل إلى 50 بالمائة بحلول عام 2020 كما سيؤدي تغير المناخ إلى ندرة المياه وهو ما قد يؤثر على حوالي 250 مليون إنسان في أفريقيا وحدها.
وخلال تسعينيات القرن الماضي انتبهت دول العالم إلى أن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ لا تعمل في حد ذاتها على تغيير التطويرات التي تسير بنا نحو المزيد من انبعاثات غازات الدفيئة ففي عام 1997 تم توسيع نطاق الاتفاقية لتشمل مايطلق عليه بروتوكول كيوتو الذي حدد للمرة الأولى هدفاً ملزماً يتعلق بالحصة التي ينبغي على البلدان الصناعية أن تلتزم بها للحد من الانبعاثات لديها ويحدد البروتوكول أهدافا ملزمة لانبعاثات غازات الدفينة لـ 37 دولة صناعية.