الساحة الإسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
هدي الجنة
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_rcapاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_voting_barاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_lcap 
دمــ ع ــــة خ ـــشيـــة
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_rcapاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_voting_barاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_lcap 
المتشوقة للجنة
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_rcapاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_voting_barاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_lcap 
عطر الشهادة
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_rcapاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_voting_barاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_lcap 
pipawn et islam
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_rcapاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_voting_barاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_lcap 
راجية عفو الله
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_rcapاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_voting_barاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_lcap 
إيمــــان قلب
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_rcapاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_voting_barاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_lcap 
طالبة السلام
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_rcapاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_voting_barاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_lcap 
قمر الدجى
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_rcapاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_voting_barاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_lcap 
ريحانة القرآن
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_rcapاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_voting_barاستدلال الخطيب بالسنة النبوية I_vote_lcap 
المواضيع الأخيرة
» : اجمل التوقيعات الاسلامية اختر منها ما شئت .......
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 3:22 pm من طرف طالبة السلام

» أعظم إنسان في الكتب السماوية
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 3:15 pm من طرف طالبة السلام

» حكمة بليغة...
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 3:04 pm من طرف طالبة السلام

» آداب الصداقة و الصحبة
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:42 pm من طرف طالبة السلام

» حوار مع ظلي
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:36 pm من طرف طالبة السلام

» ما هو سر رائحة المطر ... !!
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:25 pm من طرف طالبة السلام

» عبارات حلوه ومعاني اجمل!!!!!!
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:03 pm من طرف طالبة السلام

» الحيوان الذي لا يشرب الماء أبدا
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_icon_minitimeالأحد أبريل 17, 2011 4:56 am من طرف هدي الجنة

» صلاة القضاء
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2011 5:26 am من طرف هدي الجنة

» صلاة المسافر
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2011 5:23 am من طرف هدي الجنة

» ** المتحابون في الله يحبهم الله **
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 29, 2011 1:35 pm من طرف هدي الجنة

» هنيئا لكم يا شباب مصر العظيمة
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 29, 2011 1:17 pm من طرف هدي الجنة

» viva tunisie
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 29, 2011 12:59 pm من طرف هدي الجنة

» صلة الرحم..
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_icon_minitimeالأربعاء مارس 16, 2011 4:31 am من طرف MooN TearS

» شرح لإرفاق الصور للمواضيع
استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_icon_minitimeالخميس فبراير 17, 2011 11:24 am من طرف هدي الجنة


 

 استدلال الخطيب بالسنة النبوية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المتشوقة للجنة
حـارس ــة الإســلام
حـارس ــة الإســلام
المتشوقة للجنة


الجنس الجنس : انثى
العمر العمر : 28
عدد المساهمات عدد المساهمات : 972

استدلال الخطيب بالسنة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: استدلال الخطيب بالسنة النبوية   استدلال الخطيب بالسنة النبوية I_icon_minitimeالأحد أكتوبر 31, 2010 9:18 am

[b][b]استدلال الخطيب بالسنة النبوية[b][1][/b]

[/b][/b]

السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام، وأدلة وجوب الأخذ بها كثيرة جدا من الكتاب ومن السنة.

فمن الكتاب:
1- قول الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31].
2- قوله سبحانه: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80].
3- قوله عز وجل: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].

ومن السنة:
1- قول النبي عليه الصلاة والسلام في الموعظة التيحكاها العرباض بن سارية رضي الله عنه، وفيها: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاءالمهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمورفإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)[2].

2- حديث المقدام بن معدي كرب عن رسول الله صلىالله عليه وسلم أنه قال: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، لا يوشك رجلشبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوهوما وجدتم فيه من حرام فحرموه)[3] وأجمع المسلمون على ذلك.
والسنة تبين ما أجمل في القرآن، وتفصل ما اختصر،وتعين ما أبهم، وقد خاطب الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام بهذا المعنىفي قوله عز وجل {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل:44]. وفي آية أخرى {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل:64].

والسنة النبوية بالنسبة إلى ما ورد في القرآن على ثلاثة أنواع:
1- مؤكدة لما جاء في القرآن، فيكون الكتاب مثبتاً والسنة مؤيدة.
2- مبينة لما جاء في القرآن بتفصيل مجمله، وتقييد مطلقه، وتخصيص عامه.
3- مشرعة لأحكام لم ترد في القرآن، كتحريم نكاح المرأة على عمتها أو خالتها.

وللسنة مكانة عظيمة في نفوس المسلمين لمحبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وشغفهم باتباعه لنيل رضوان الله تعالى ومحبته {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31]..

ولا يجمل بالخطيب أو الداعية أو الواعظ أن تكونخطبته أو موعظته خالية من هدايات النبي صلى الله عليه وسلم في أقوالهوأفعاله وتقريراته.

والملاحظ أن الانفتاح الإعلامي، وانتشار كثير منالحوارات والمناظرات على الفضائيات قد أثر كثيرا في بعض الخطباء والدعاةفصاروا يتقمصون شخصيات من يسمون بالمثقفين والمفكرين في كثرة الاستدلالاتالعقلية على حساب النصوص من الكتاب والسنة، وبعضهم صار يستبدل بالنصوصالمعصومة أقوال الفلاسفة والمفكرين والكتاب الغربيين لما يلي:
1- إرضاء جمهوره من الحضور أو المستمعين الذين يستمعون له.

2- كسب ود الوسيلة الإعلامية التي أبرزته للناس، وخصته ببرنامج فيها دون غيره.

3- مجاراة ما يُلقى على أسماع الناس عبر وسائلالإعلام المختلفة من ألفاظ ومصطلحات وأفكار لم تكن من قبل في معاجم الدعاةوالمصلحين،ولا تجري على ألسنتهم؛ وذلك مثل: مصطلحات: أنا، والآخر، والرأي،والتعايش السلمي، والحوار، وغير ذلك.

4- محاولة إظهار نفسه أمام المستمعين بمظهرالخطيب المثقف الذي يُلم بأدوات العصر ومصطلحاته. ولو كان ممحصا لها،وناقدا لخللها لكان ذلك محمودا ولكن يغلب على هذا الصنف استخدامهاوالموافقة عليها والقناعة بها وربما ترويجها والدفاع عنها.

وقد تجتمع هذه الأسباب أو بعضها في الواحد من الخطباء.

ولا يجوز للخطيب أن يطوع حديث رسول الله صلىالله عليه وسلم لضغوط العصر ومصطلحاته، أو يعرض عنه لأجلها؛ بل الواجبعليه أن يرد الناس إلى الجادة، ويربيهم على تعظيم حديث رسول الله صلى اللهعليه وسلم وإجلاله والاستدلال به والتسليم له.

قال سفيان الثوري رحمه الله تعالىSadإن استطعت ألا تحك رأسك إلا بأثر فافعل)[4].

وذَكَر الشافعي رحمه الله تعالى حديثا فقال لهرجل: تأخذُ به يا أبا عبد الله ؟ فقال: أفي الكنيسة أنا ؟! أو ترى علىوسطي زُنَّارا ؟! نعم أقول به ، وكلما بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلمقلت به)[5].

وقال إبراهيم الحربي رحمه الله تعالىSadينبغي للرجل إذا سمع شيئا من آداب النبي صلى الله عليه وسلم أن يتمسك به)[6].

الموازنة بين أحاديث موضوعه وبين خطبته:
أغلب الموضوعات التي يتناولها الخطباء هي موضوعاتشرعية تتعلق بالمعتقدات أو العبادات أو المعاملات أو الأخلاق أو غيرها،وتتفاوت هذه الموضوعات من جهة وفرة النصوص النبوية فيها وكثرتها من قلتها،وعليه فلا تخلو الأحاديث التي جمعها الخطيب لموضوع خطبته من حالات ثلاث:

الأولى: أن تكون في عددها ومساحتها مناسبة لخطبته فلا هي كثيرة تطول الخطبة بها ولا هي قليلة تقصر بها عن المطلوب، وهذه لا إشكال فيها.

الثانية:أن تكون كثيرة لا يمكن استيعابها في خطبة واحدة، وهذه يعمل معها ما ذكرتهسابقا في الآيات الكثيرة بتقسيمها على موضوعات لعمل خطب عدة منها، ويمكنمراجعة ما ذكرته في تقسيم الآيات لتتضح الصورة أكثر[7].

الثالثة:أن تكون قليلة بحيث تقصر بها الخطبة قصرا مخلا، فيكملها بالآيات والآثارعن الصحابة والتابعين والأئمة وأقوال العلماء المتبوعين، ويمكن مراجعة ماذكرته في فقرة الآيات القليلة في الموضوع وكيف يتعامل الخطيب معها لتكونالصورة أوضح[8].

ما يراعى في الاستدلال بالسنة:
في الاستدلال بالأحاديث النبوية أرى أنه يحسن بالخطيب مراعاة ما يلي:

أولاً:
التأكد من صحة الحديث الذي يستدل به؛ فإن كان متواترا أو في الصحيحين أوأحدهما فلا إشكال، ولا يحتاج إلى مراجعة؛ لتلقي الأمة لهما بالقول،ولإجماع العلماء على الاحتجاج بأحاديثهما في الجملة.

وهنا يحسن التنبيه على أن الخطيب قد ينقل الحديثممن نقل عن الصحيحين أو أحدهما وعزاه مؤلفه إلى الصحيح فالأولى أن يتأكدمن ذلك بمراجعة الصحيح لما يلي:

أ- قد يكون مؤلف الكتاب الذي نقل منه واهما فيعزوه للصحيح، أو أخطأ في ذلك، أو حصل خلل في الحواشي فنُقلت تخريجاتأحاديث لأخرى، وهذا محتمل بل يقع في كثير من الأحيان.

ب- قد يكون أصل الحديث في الصحيح، والمؤلف ساقهبتمامه وألحق به زيادات أو ألفاظا ليست في الصحيح، ثم عزا الحديث للصحيحيريد أصل الحديث الذي ساقه بتمامه دون الزيادات أو الروايات الأخرى، ويكوناستدلال الخطيب بجزء من الحديث، ويكون هذا الجزء من الزيادات لا من أصلالحديث، أو يكون من الألفاظ الأخرى التي ليست من ألفاظ الصحيح، فيعزوهللصحيح تبعا للمؤلف، مع أن اللفظ أو الزيادة التي ذكرها ليست في الصحيح.

جـ- قد يكون الحديث في الصحيح موقوفا أو معلقا،والمؤلف رفعه أو وصله باعتبار طرق أخرى رفعته أو وصلته وهي ليست فيالصحيح، فينسب للصحيح ما ليس منه لمجرد أنه اطلع على حديث فيه كلام طويلأو تخريج كثير فانتزع منه (أخرجه البخاري أو مسلم) دون أن يقرأ بقيةالحاشية ليعلم أن ما في الصحيح موقوف أو معلق.

ومراجعة الصحيح للتأكد لا تضر الخطيب، بل تنفعهبتعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعناية به، واكتساب معرفةجديدة مع كل مراجعة يطالع فيها الصحيحين، وقد يقع بصره على حديث ما كانيعرفه من قبل، ويناسب هذا الحديث أن يكون موضوع خطبة أخرى، أو هو محتاجإليه في خطبته تلك وهو بجوار حديثه الذي أراد التأكد من ثبوته ولفظه، وقدوقع ذلك لي كثيرا.

أما إن كان الحديث في غير الصحيحين فلا يخلو الخطيب من حالات ثلاث:
1- أن يكون صاحب حديث عالما بتخريجه ورجاله والبحث فيهم والحكم عليه، فهذا خطيب محدث ، وليس مثلي من يرشد مثله.
2- أن لا يكون عنده أي معرفة بمراجعة كتب الحديثومصادره، ولا يحسن بالخطيب أن يكون كذلك، ولا بد أن يتعلم ذلك ويمارسه حتىيعرف ما يخدم به خطبته.

وبإمكان المبتدئ أن يعتمد على كتب الشيخالألباني رحمه الله تعالى، ولاسيما صحيح الجامع وضعيفه؛ لسهولة تناول كتبالشيخ، وحسن فهرستها وترتيبها على الحروف الهجائية.

وبإمكانه أيضا أن يسأل المختصين أو طلاب العلمعن الأحاديث التي أشكلت عليه ولا يدري ثبوتها من عدمه، ويوجد مواقع علىالشبكة العالمية تخدم السائلين في ذلك، أو يسأل بالهاتف أو غير ذلك،والحريص لن تعوزه الوسيلة في زمن ليس لمحتاج إلى علم فيه عذر أبدا.

وكم هو جميل أن تتوثق الصلات بين الخطباءوالوعاظ والدعاة وبين علماء الحديث؛ للاستفادة منهم في علم الحديث،ولتوثيق ما يلقونه على الناس من خطب ومواعظ، فواجب على الخطباء والدعاةالاتصال بأهل الحديث، وواجب على أهل الحديث التعاون معهم، وتقديمهمبالرعاية والاهتمام على غيرهم من سائر طلاب العلم؛ وذلك لأن خطاب الخطباءوالدعاة عام في الجوامع، وربما في وسائل الإعلام الأخرى من إذاعاتوفضائيات وإنترنت، ويصل إلى جموع الناس في مشارق الأرض ومغاربها، وتوثيقهبالصحيح من الأدلة والمعلومات أمر واجب، وفيه نفع عام. بخلاف الدروس التيلا يحضرها إلا القليل من الطلاب، وهم ممن لا يخشى عليهم في الغالب.

وقد فعل ذلك أسلافنا من قبل؛ إذ كان رئيسالخطباء في القرن الخامس قد تقدم إلى الخطباء والوعاظ أن لا يرووا حديثاحتى يعرضوه على الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى فما صححه أوردوه وما ردهلم يذكروه[9].

3- أن يكون ملما بتخريج الحديث من مصادره الأصلية، ولكنه لا يستطيع الحكم عليه ولا معرفة رجاله، وهذا يتكئ في ذلك على علماء الحديث:
أ- فيبدأ بالمتقدمين المشهورين كعلي بن المدينيوأحمد بن حنبل وأبي حاتم وأبي زرعة الرازييين والبخاري ونحوهم. وقد ينقلالعلماء تصحيحاتهم لبعض الأحاديث، كما ينقل الترمذي أحكام شيخه البخاريعلى بعض الأحاديث في سننه[10].
ب- ينظر إلى أحكام من بعدهم من أهل الحديث كالترمذي وابن خزيمة وابن حبان ونحوهم.
ت- ينظر في أحكام المتأخرين من الحفاظ كالمنذري والذهبي وابن حجر والعراقي والهيثمي والسيوطي.
ث- ينظر في أحكام المعاصرين من أمثال أحمد شاكر والألباني والأرناووط وغيرهم.

وكل كتب هؤلاء العلماء موجودة ومتداولة ومتوافرةفي المكتبات العامة، وأكثرها -إن لم يكن كلها- موجود على الموسوعاتالالكترونية والشبكة العالمية وبإمكان الخطيب مراجعتها والاستفادة منها.

وأحسب أن السنة من جهة الرواية قد خدمت خدمةعظيمة على أيدي علماء الحديث على مر العصور، واللاحق من العلماء يكمل مابدأه السابق، ويبدأ شيئا جديدا يكمله من بعده حتى وصلت إلى ما وصلت إليهفي عصرنا بحمد الله تعالى.

ثانياً:
إن رأى أن العلماء قد اختلفوا في الحديث تصحيحا وتضعيفا، وعنده من الصحيحما يغني عنه فيعرض عن هذا المختلف فيه، وإن اتحد معنى الحديثين فجعلالصحيح شاهدا لهذا المختلف فيه فأورده من هذا القبيل فتلك هي طريقة أهلالحديث في الضعيف المنجبر.

ثالثاً:
إن كان الحديث مختلفا فيه وهو محتاج إليه ويمثل أصلا في خطبته، وليس عندهما يغني عنه؛ فيزيد من البحث والتأمل حتى يصل إلى نتيجة، ويستعين في ذلكبأهل التخصص وطلاب العلم المتمكنين في الحديث فلعل أحدهم بحثه ووصل فيهإلى نتيجة فيفيده بها.

رابعاً:
يحسن التنبيه على أنه لا يجوز للخطيب أن يعتمد شهرة الحديث وتداول الناسله على الألسنة، فيظن بذلك صحته فيورده في خطبته دون التأكد من ثبوته؛ فإنما يتداوله الناس من أحاديث فيه الصحيح والضعيف والموضوع، وفيه ما ليسبحديث مما هو من الأمثال أو أقوال السلف أو أقوال الحكماء أو غيرهم، سرتهذه الأقوال بين العوام على أنها أحاديث وليست كذلك.

وقد كثر ذلك في الأزمان المتأخرة فكتب العلماءفيه كتبا فالحافظ ابن حجر كتب كتابه (اللآلئ المنثورة في الأحاديثالمشهورة) ثم ألف السيوطي كتابه (الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة)وألف السخاوي كتابا عنوانه (المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديثالمشتهرة على الألسنة) ثم جاء تلميذه عبد الرحمن بن الديبع فاختصره فيكتابه (تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث) ثمكتب العجلوني رحمه الله تعالى كتابا سماه (كشف الخفاء ومزيل الإلباس عمااشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس).

وما كانت هذه العناية من العلماء حتى أفردواكتبا في ذلك إلا حماية لجناب السنة، وحرصا على الناس من الضلال، وتنقيةلما يتناقلونه من أقوال، وبيانَ ما هو حديث منها وما ليس بحديث، فلا يجوزللخطيب أن ينقل ما يجري على الألسنة في خطبته لمجرد شهرته وسريانه فيالناس.

ويلحق بذلك ما هو من محفوظات الخطيب، مما لميتيقن أنه حديث؛ فقد يكون الخطيب قد حفظ في صباه حديثا أو مقولة على أنهاحديث من أبيه أو جده أو معلمه أو خطيب مسجدهم أو غيرهم، ورسخ في ذهنه أنهحديث، ولم يراجعه في كبره، فلا يجدر به أن ينقله في خطبته حتى يتأكد منثبوته.

وكثيرا ما سمعنا بعض الخطباء والوعاظ يستدلونبأحاديث مشهورة ولكنها لا تثبت، وقد يكون منها ما هو موضوع، وينسبه إلىالنبي صلى الله عليه وسلم.

ومما ذكره المؤلفون في الموضوعات من دواعي وضع الأحاديث واختلاقها: القص على الناس وتذكيرهم وموعظتهم.

ومرة سمعت واعظا في إحدى المساجد الكبرى يعظالناس على إثر ريح شديدة أصابتهم فبدأ موعظته يأمر الناس أن يقولوا (اللهماجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا) وردد ذلك عليهم، وكرر الدعاء به، مستدلابالحديث المشهور في ذلك، وهو لا يثبت، ومبينا لهم أن الرياح في كل آياتالقرآن رحمة، وأن الريح عذاب، ولم تأت مفردة في سياق الرحمة أبدا. وفي هذاالإطلاق ذهول منه عن قول الله تعالى {وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا} [يونس:22].

بل إنه يجمل بالخطيب وإن كان حافظا للحديث عارفابدرجته أن يراجعه حال التحضير لخطبته؛ لاحتمال الوهم، أو اختلاطه عليهبحديث آخر، وليستفيد رسوخه أكثر في ذهنه، وهو بمثابة المراجعة لحفظه.

خامساً:
أرى أنه ينبغي للخطيب أن يذكر صحابي الحديث ومن أخرجه في خطبته باختصار؛فإن ذلك أدعى للثقة فيما ينقل لدى المستمعين، ثم إنه قد يكون من المصلينمعه من يستفيد من ذلك بترسيخ محفوظاته من الحديث النبوي.

سادساً:
التأكد من مفردات الحديث وجمله؛ فإن التصحيف والتحريف قد يقعان أثناءالنسخ أو الطباعة، وقد يرويه الراوي على الخطأ؛ ولذلك اعتنى العلماء قديماوحديثا بضبط ألفاظ الحديث، وإصلاح ما به من التحريف والتصحيف.

وخصوا هذا الموضوع بكتب أفردوها فيه ككتابتصحيفات المحدثين، وكتاب شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف، كلاهما لأبيأحمد العسكري،وكتاب إصلاح غلط المحدثين للخطابي، وكتاب تصحيح التصحيفوتحرير التحريف لصلاح الدين الصفدي، ونبهوا فيها على ما وقع لبعض الرواةأو النساخ من تصحيف وتحريف.

ومن أمثلة ذلك: ما وقع لشيخ يعرف بمحمش أجلسللتحديث بعد وفاة محمد بن يحيى الذهلي رحمه الله تعالى فحدث بحديث (يا أباعُمير ما فعل النغير) فصحفه إلى (يا أبا عَمير ما فعل البعير) وحدث بحديث(لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس) فصحفه إلى (خرس)[11] وأخطأ ابن لهيعة في حديثSadأن النبي صلى الله عليه وسلم احتجر في المسجد) فحرفه إلى (احتجم في المسجد).

قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى: وهذه روايةفاسدة من كل جهة، فاحش خطؤها في المتن والإسناد جميعا، وابن لهيعة المصحففي متنه المغفل في إسناده، وإنما الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلماحتجر في المسجد بخوصة أو حصير يصلي فيها[12].

ومع كثرة الناشرين للكتب في هذا العصر، وازدهارسوق الطباعة، وتحول هذا العمل الجليل تدريجيا من قصد خدمة تراث المسلمين،وإخراجه للناس إلى تجارة بحتة، حتى صار بعض النصارى الموارنة في لبنانيشتغلون في كتب المسلمين ويطبعونها، وهكذا الأقباط في مصر، وبعض أتباعالفرق الضالة ينشرون كتب أهل السنة، وكثير من ملاك دور النشر والقائمينعليها هم من أجهل الناس بالكتب وقيمتها؛ وأيضا تصدى لتحقيق الكتب وتخريجهافي كثير من الأحيان أناس ليسوا من أهل الصنعة، ولا علم لديهم بأصول الفنونالتي يحققون الكتب فيها تارة بأسمائهم، وتارة أخرى بأسماء اللجان العلميةللدار فإن الأخطاء الفاحشة، والتحريفات الكثيرة قد أصابت كثيرا من كتبالتراث المطبوعة؛ مما يوجب على المستفيد منها من الخطباء وغيرهم أخذالحيطة والحذر، والتأكد من صحة النصوص المنقولة فيها ولا سيما حديث رسولالله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك يكون وفق الخطوات التالية:

1- على الخطيب أن يحرص على اقتناء الطبعاتالجيدة لمكتبته، المحققة تحقيقا علميا ممن يوثق بعلمهم وورعهم، وخاصة فيمايتعلق بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحاح والسنن والمسانيدوالمعاجم وغيرها، وكذلك الكتب الناقلة عنها من كتب الترغيب والترهيبوالآداب والمواعظ والزهد وأدلة الأحكام ونحوها؛ فإنها وإن غلا ثمنها -بسببحقوق المحققين الذين أمضوا سنوات طويلة في تحقيقها- فإن قيمتها فيها، وهيخير من الطبعات التجارية الرخيصة في قيمتها وفي تحقيقها.

وهذا يريح الخطيب والباحث على مدى الزمن،بطمأنينته إلى أكثر كتبه التي يملكها، ووثوقه فيها، ويوفر عليه وقتا طويلاقد يقضيه بسبب أغلاط في حديث حولت معناه أو أوجدت فيه إشكالات يستنزف وقتهوجهده في حلها، ولربما رجع إلى كتب الشروح والغريب واللغة ثم يتبين له بعدجهد جهيد، ووقت طويل أن في متن الحديث خطأ في الطباعة!!

2- إذا كان الكتاب الذي سيأخذ منه الحديث لميخدم كما ينبغي، ولا يوجد له طبعة جيدة -وهذا مع الأسف كثير في كتبالتراث- أو هو لا يملك طبعة جيدة، فأرى أن يأخذ الحديث من طبعته السقيمة،ولكن يراجع كتبا أخرى مساعدة يغلب على ظنه أن الحديث فيها، مثل كتبالزوائد والشروح، والكتب المصنفة في موضوعات معينة، وهذا الحديث من ضمنموضوعاتها.

وكثيرا مما تتوارد نسخ عدة، وكتب متنوعة علىالخطأ؛ لأن الخطأ في المصدر المنقول عنه، وقد يكون الخطأ في أصل المخطوط،ويكون اللفظ محتملا وليس فيه ما يستنكر، وقد يعذر الخطيب في هذه الحالة.لكن زيادة الاستيثاق، وحرص الخطيب على إدراك معنى الحديث يوصله إلىالصواب، ويقلل احتمال وقوع الخطأ بإذن الله تعالى، ولأهمية المثال العمليفي توضيح الصورة للخطيب أسوق هذا المثال:

لو كان عند الخطيب حديث في مسند أحمد، والطبعةالتي عنده للمسند رديئة، فيراجع طبعة جيدة ولو في مكتبة عامة، فإن لميتوفر له ذلك، وكان الحديث في أحد الكتب الستة راجعه فيه- ويستعين في بحثهبجامع الأصول وفيه الموطأ وباقي الستة إلا ابن ماجه- فإن لم يكن في أحدهافيراجع مجمع الزوائد للهيثمي، وبإمكانه أن يراجع ترتيب المسند وشرحهللساعاتي المسمى (الفتح الرباني).

فإن كان الحديث في موضوع من موضوعات الترغيب أوالترهيب أمكنه مراجعة كتاب المنذري، وإن كان الحديث قولا للنبي صلى اللهعليه وسلم أمكنه مراجعة الجامع الصغير للسيوطي، وزياداته للمناوي، وصحيحهوضعيفه للألباني. وهكذا .... ولن يعدم طريقة من الطرق يجد بواسطتها الحديثفي مصادر أخرى.

ويستفيد من مراجعته لهذه الكتب المتنوعة فوائد كثيرة منها:
أ- الاطمئنان إلى لفظ الحديث، وتوثيقه قدر المستطاع.
ب- زيادة خبرته في التعامل مع كتب التراث، ومعرفةمناهج مصنفيها فيها، ومع كثرة المراجعة والممارسة يمتلك دربة في ذلك تمكنهمن الوصول إلى المعلومة التي يريدها في أسرع وقت وأقل جهد؛ إذ إن هذهالمراجعات تشبه دورات تعليمية سريعة في هذه الكتب العظيمة.
ت- قد يجد أحاديث أخرى تخدمه في موضوعه الذي يكتبه،وربما كانت هذه الأحاديث بالنسبة لموضوعه أهم من الحديث الذي قصده؛ ممايثري موضوعه ويقويه بالنصوص ويوسعه.
فمراجعته لمجمع الزوائد تمكنه من معرفة أحاديث أخرىفي موضوعه أو قريبة منه في مسند أحمد أو مسند أبي يعلى أو مسند البزار أوفي معاجم الطبراني.

ومراجعته للترغيب والترهيب تكسبه أحاديث أخرى فيموضوعه أو قريبة منه، وقد يكون منها ما هو أقوى من حديثه أو في الصحيح،وقد غفل عن هذه الأحاديث أو لا يعلمها قبل مراجعته لهذا الكتاب.

ومراجعته للفتح الرباني تكسبه أحاديث أخرىوآثارا عن الصحابة والتابعين؛ لأن الساعاتي رحمه الله تعالى يعقد بابا فينهاية كل باب من ترتيبه لأحاديث المسند يجعله لزوائد الباب وأحكامه، يسوقفيه أحاديث وآثارا وأحكاما يكثر فيها النقل من كتب الشروح، وقراءة الخطيبلذلك تجعله أكثر إلماما بموضوعه، وتمكنا فيه، وتفتح له أبوابا عظيمة منالعلم والمعرفة.

وإذا كان لديه كتاب ترتيب أحاديث صحيح الجامعالصغير وزياداته على الأبواب الفقهية لعوني الشريف، أمكنه الاطلاع علىأحاديث قولية أخرى في موضوعه الذي يريده أو قريبة منه.

ث- أنه يطلع على تخريج الحديث، فالمنذري والهيثمي والساعاتي يخرجون الأحاديث.
جـ- أنه يطلع على حكم على الحديث أو حكم على رجاله؛فالمنذري والهيثمي يحكمان أحيانا على الحديث بالصحة أو بالحسن أو بالضعفأو النكارة، ويحكمان أكثر على رجاله بعبارات: ورجاله رجال الصحيح، ورجالهثقات، أو موثوقون، أو فيه فلان مختلف فيه، أولم يوثقه إلا ابن حبان، أوضعيف، أو منكر الحديث أو كذاب...

فإن كان الحديث لا يحتج به أسقط ذلك عن الخطيبعناء كبيرا من البحث في درجة الحديث. وكانت مراجعته تلك عونا له فيالسلامة من الاستدلال بحديث لا يحل الاستدلال به، ولا نسبته للنبي صلىالله عليه وسلم.

وإن كان الحديث مما حكما على رجاله بالتوثيقاحتاج إلى التأكد من اتصال السند وعدم العلة المانعة من الاحتجاج بالحديث؛لأنه لا يلزم من توثيق الرجال، أو كونهم من رجال الصحيح صحة الحديث؛لاحتمال الانقطاع أو علة أخرى خفية.

وكذلك الساعاتي يحكم أحيانا على الأحاديث أو ينقل حكم من قبله عليها.

والسيوطي والألباني يحكمان أيضا على الأحاديث.

سابعاً:
الاستيثاق من قراءته للحديث وإعرابه بشكل صحيح؛ فإن بعض الكلمات والجمل أوأسماء الرواة قد تكون عالقة في ذهنه على الخطأ، إما لأنه حفظه هكذا فيصغره، أو سمعه من متحدث على الخطأ فرسخ في ذهنه، أو هو يقرأه ابتداء بشكلخاطئ، ويكون استيثاقه بما يلي:
أ- أن يراجع الحديث في طبعة محققة موثوقة مضبوطة بالشكل ويقرأه منها بتمعن، ويضبط في كتابته ما يحتاج إلى ضبط.
ب- أن لا يملك طبعة مشكولة، وفي هذه الحالة يراجعكتب الشروح، والشارحون غالبا ما يضبطون الكلمات المشكلة، ويذكرون الأوجهأو الخلاف إن كان ثمة خلاف، أو كان للكلمة أكثر من وجه.

ومما يحضرني من الأمثلة حديث (تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عودا عودا) فكلمة (عودا) اختلفوا في ضبطها على أقوال ثلاثة:
1- عَوْذَا عوذا، بالذال المعجمة، ومعناه: الاستعاذة بالله تعالى منها.
2- عَوْدَا عودا، بفتح الدال، على معنى أن الفتنة كلما زالت عادت مرة أخرى.
3- عُوْدَا عودا، على معنى أن الفتن تتوالى علىالقلب، كما يتوالى العود بإزاء العود في نسج الحصير.وقد توارد شراح صحيحمسلم القاضي عياض والقرطبي والنووي والأبي على ذكر هذه المعاني والترجيحبينها.

والمعنى الأخير هو الأشهر والأظهر، لكن معرفةالخطيب للمعاني الأخرى يفيده جدا، وقد يكون أحد المصلين حفظه على المعنىالآخر فيحتج عليه به، فيكون ملما بتلك المعاني، وهذا يُكسبه ثقة الناسفيه، وطمأنينتهم إلى ما يلقي عليهم.

وأحيانا يتصرف الرواة في الكلمة فيغيرون لفظها-بناء على جواز الرواية بالمعنى إذا لم يخل به- بزيادة حروف أو إبدالهابمرادف لكن المعنى يكون متقاربا، ومن لا علم له بذلك قد يظنه خطأ فيالحديث، مع أن كل الألفاظ صحيحة لتقارب معانيها.

ومن أمثلة ذلك: ما جاء في حديث أبي رزين العقيليلما سأل عن البعث وكيفيته فقال النبي صلى الله عليه وسلمSadأما مررت بواديأهلك محلا....الحديث).

فكلمة (مَحْلا) هكذا جاءت في المسند، ومعناها:مجدبا، من أمحلت الأرض إذا أجدبت، وجاء في الرواية الأخرى للمسند وعندالطيالسي (مُمْحِلا) وهي بمعنى الأولى، ومثلها حديث النواس رضي الله عنهفي شأن الدجال وفيه(فيصبحون مُمْحلين)، وجاء في رواية الطبراني (قَحْلا)،وقحل الناس: يبسوا من شدة القحط. فهذا اختلاف في الروايات لكن المعنى واحد.

ت- بإمكانه مراجعة كتب غريب الحديث إن كانتالكلمة غريبة -أي يقل استعمالها- أو كانت مشتركة مع غيرها في المعنى؛فالمصنفون في الغريب يعتنون ببيان الفروق المعنوية بين المشتركات فيالألفاظ، وأحيانا يوردون أحاديث أخرى فيها ذات الكلمة أو قريبة منها فيالمعنى فيستفيد الخطيب بمراجعتها نصوصا أخرى، واتساعا في علم معاني الحديث.
والكتب في الغريب كثيرة ومتداولة ومن أشهرها: كتب الخطابي والحربي وابن الأثير.

ث- يمكنه أيضا أن يراجع كتب أهل اللغة كالقاموسوالصحاح واللسان ونحوها؛ فإن أهل اللغة يأتون بجذر الكلمة ويذكرون ما فيهامن استعمالات، ويستدلون لما يوردون من المعاني بالقرآن والسنة وأشعارالعرب وأمثالهم.

ثامناً:
التأكد من أن استدلاله بالحديث صحيح، فقد يكون معنى الحديث أو الشاهد منهعلى غير الوجه الذي أراده الخطيب؛ إما لفهمه على الخطأ، أو سمعه من أحدخطأ، أو يكون المعنى الذي قصده شاذا أو مرجوحا، وقد يحكيه على أنه المعنىالوحيد للحديث مع كونه مرجوحا.

وتلافي الخطأ في ذلك يكون بمراجعة كتب الشروح،ويستفيد من مراجعتها بعض النصوص الأخرى غير حديثه المشروح، وقد يجد آثاراوأقوالا للعلماء تنفعه في موضوعه.

فإن كان حديثه في الكتب الستة فقد شرحت شروحاكثيرة، وإن كان الحديث في كتاب لم يطبع له شرح، أو هو لا يملكه، فلن يعدمحيلة يجد فيها الحديث:
فقد يجده في شروحات عمدة الأحكام أو المنتقى أو بلوغ المرام إن كان الحديث في الأحكام.
وإن كان الحديث قولا وجده في شروح الجامع الصغير كفيض القدير للمناوي.
وربما وجده في شروحات مشكاة المصابيح أو رياض الصالحين أو شرح السنة للبغوي أو غيرها من كتب المجاميع والشروح.

تاسعاً:
ينبغي للخطيب أن لا يشير إلى الأحاديث إشارة لا يفهمها إلا من كان حافظاللحديث، مستحضرا له، فليس كل المصلين يحفظون الأحاديث، وليس كل من يحفظهايستحضرها في الحال، ولا سيما إذا كان الحديث لا يطرق الأسماع كثيرا.

عاشراً:
إذا كان في الحديث إشارة توضيحية من النبي عليه الصلاة والسلام، فأرى أنيطبقها الخطيب وهو يقرأ الحديث؛ تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام،ولإفهام المصلين كيف فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فالوصف وحده قد لايفهمه كل المصلين، والفعل أبلغ من الوصف.

وكثيرا ما جاء في الأحاديث: وحلق بإصبعه الإبهاموالتي تليها، وخنس الإبهام، فبسط يديه أو قبضهما، وأشار بيده هكذا، أو قبلالمشرق، يقول هكذا بأصبعه، وقبض أصابعه...

وأحيانا قد لا يجد الخطيب وصفا دقيقا في الروايةكيف فعل النبي عليه الصلاة والسلام، إما لاختصارها أو بدا للراوي أنهامعروفة فلم يوضحها، وعلى الخطيب في مثل ذلك أن يجمع الروايات، ويطلع علىشرح الحديث؛ ليتبين له الوصف كاملا إما من رواياته الأخرى وإما من كلامالشراح.

وذلك مثل حديث ابن عمر في أن الله تعالى يطويالسموات والأرضين بيديه، قال ابن عمر يحكي فعل النبي صلى الله عليه وسلموهو يحدث بهذا: ويقبض أصابعه ويبسطها. هكذا في رواية مسلم، والحديث فيالصحيحين. وزاد ذلك إيضاحا رواية للنسائي وفيها: وجعل باطنها إلى السماء[13].

الحادي عشر:
إذاأنهى الخطيب صلاته، ثم سئل عن معنى في حديث استشهد به، أو أورد أحدالمصلين عليه إشكالا في استدلاله، أو دليلا آخر ينقض ما قرره في خطبته،فلا يخلو الخطيب من حالين:

الأولى:
أن يكون عنده جوابلهذا الإشكال، ويعلم ما قد يورد على استدلالاته من أدلة أخرى، ولديه أجوبةلها -ولا يتأتى ذلك للخطيب إلا بالتحضير الجيد- فليزل تلك الإشكالات،ويُجِبْ عنها بما آتاه الله تعالى من علم وفقه وتحضير جيد لموضوعه.

الثانية:
أن لا يكون عنده جوابلهذا الإشكال، ولا يعلم بالأدلة التي أوردت عليه، فلا يجوز له حينئذ أنيخلص نفسه من هذا المأزق بالكذب، أو بنفي ما لا يعلم مع احتمال ثبوته، ولايحل له أن يصر على رأيه وهو غير متأكد مما أورد عليه.

مثال ذلك: لو تحدث الخطيب عن فوائد الأمراض ومايحصل فيها من الأجر والثواب، وساق الآيات والأحاديث في فضل الصبر علىالمصائب، ثم أورد ما جاء في المسند وغيره من أن أبي بن كعب رضي الله تعالىعنه قد دعا على نفسه بالحمى، فلازمته حتى إن حرها ليوجد من وراء اللحاف،واستشهد الخطيب بفعل أبي رضي الله عنه على جواز أن يدعو الإنسان على نفسهبالمرض ابتغاء الأجر، ولا سيما أن أبيا رضي الله عنه من فقهاء الصحابةوعلمائهم.

ثم أورد معترض على الخطيب الأحاديث التي فيهاالأمر بسؤال الله تعالى العفو والعافية، والأخرى التي فيها النهي عنالدعاء على الأنفس أو الأولاد أو الأموال، وذكر قصة الرجل الذي دعا علىنفسه فزاره النبي صلى الله عليه وسلم وقد أكله المرض، فأنكر عليه الصلاةوالسلام عليه دعاءه على نفسه، وقصته مخرجة في صحيح مسلم.

ولا شك في أن الخطيب في مثل هذه الحالة مخطئ،ولا يحل له المكابرة والإصرار على الخطأ، وفعل أبي رضي الله عنه اجتهادمنه يؤجر عليه إن شاء الله تعالى، ولكن لا يقضى باجتهاده رضي الله عنه علىالنصوص الصحيحة الصريحة في هذا الباب، ولا يوافق عليه بحجة أنه من علماءالصحابة رضي الله عنهم؛ لأنه وإن كان كذلك فهو غير معصوم من الخطأ، وقدتخفى عليه بعض النصوص، ولا عصمة إلا للرسل عليهم السلام.

والواجب الشرعي، ثم الشجاعة الأدبية يقضيان علىالخطيب بأن يراجع الحق، ويعترف بخطئه، وأن يشكر من تعقبه فيه، وبينه له،وأن يسعى إلى تصحيحه في خطبة تالية سواء صرح بخطئه، وذكر لهم أنه راجععنه، وهذا أحسن.

فإن عجز عن ذلك قرر الصواب الذي يعارض ما قررهمن خطأ سابقا، ويؤكد عليه مستشهدا بما علمه من أدلة كان من قبل يجهلها،فإن نوقش عقب الصلاة بقوله السابق بين أنه اخطأ فيه، وأنه صححه في هذهالجمعة.

وقد يظن بعض الخطباء أن مثل هذا الاعتراف يقللمن ثقة المصلين في الخطيب، وهذا ظن خاطئ، بل الاعتراف بالخطأ يزيد منطمأنينة المصلين وثقتهم في خطيبهم؛ لأنهم سيتيقنون أو يغلب على ظنهم أن مالم يعتذر خطيبهم عنه فهو صحيح، فهو قد عودهم على الاعتذار مما يخطيء فيه.

وقد بينت في مقال سابق أنواع المناقشين للخطيب، وكيفية التعامل مع كل نوع منهم[14].
ـــــــــــــــــــــــــــ
[1] أود التنبيه على أمرين:
الأول: أن هذه المقالة وما قبلهاوما سيتلوها في هذا الباب لا تختص بالخطيب وحده، وإن خوطب بها، بل يشتركمعه الداعية والمحاضر والواعظ، وكل من تصدى لدعوة الناس، وأراد تحضيرموضوع من الموضوعات لخطبته أو محاضرته أو موعظته أو بحثه أو مقالته.
الثاني: أنني ما جمعت مادة هذهالمقالات من كتب متخصصة في الخطابة والدعوة وغيرها؛ لأنني لم أجد فيها ماأريد، وعليه فلا مراجع عندي لهذا الموضوع، ولا الذي قبله ولا ما يليه فيهذا الباب، وإنما هي تجارب وممارسات خلال السنوات الماضية أردت أن أكتبهالإخواني، فالنقص والزلل محتمل فيها، والله الموفق.
[2] رواه أبو داود:4607 والترمذي وقال: حسن صحيح:2676 وابن ماجه:42 والدارمي: 95.
[3] رواه أبو داود (4604) وأحمد 4/130.
[4] الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ص142.
[5] الحلية لأبي نعيم9/106.
[6] الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ص142.
[7] انظر استدلال الخطيب بالقرآن، البيان عدد() ص().
[8] المصدر السابق.
[9] سير أعلام النبلاء 18/280وطبقات الحفاظ للسيوطي 1/435.
[10] انظرعلى سبيل المثال هذه الأحاديث في الترمذي: فحديث رقم (128)نقل فيه تصحيحأحمد والبخاري لحديث حمنة بنت جحش فيما تفعل المستحاضة وحديث(614) نقل فيهاستغراب البخاري لحديث كعب ابن عجرة رضي الله عنه في الأمراء، وحديث(620)نقل فيه تصحيح البخاري لحديث في الصدقة عن علي رضي الله عنه وانظرأيضا:(644 و683 و758 و1016 و1177 و1178 و1461 و1366 و1776 و1841و2697).
[11] انظر: معرفة علوم الحديث للحاكم ص146 وفتح المغيث 3/74.
[12] التمييز، ص187.
[13] السنن الكبرى (7695).
[14] انظر: استدلال الخطيب بالقرآن، البيان عدد () ص ().
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
استدلال الخطيب بالسنة النبوية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» استدلال الخطيب بالقرآن
» رسالة إلى الخطيب المسلم
» دواعي قوة الخطيب
» فقه الخطيب والخطبة
» مميزات الخطيب الناجح

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الساحة الإسلامية :: الأقسام الشرعية :: ••زاد الخطيب ..«-
انتقل الى: