الساحة الإسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
هدي الجنة
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_rcapخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_voting_barخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_lcap 
دمــ ع ــــة خ ـــشيـــة
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_rcapخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_voting_barخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_lcap 
المتشوقة للجنة
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_rcapخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_voting_barخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_lcap 
عطر الشهادة
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_rcapخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_voting_barخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_lcap 
pipawn et islam
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_rcapخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_voting_barخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_lcap 
راجية عفو الله
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_rcapخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_voting_barخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_lcap 
إيمــــان قلب
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_rcapخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_voting_barخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_lcap 
طالبة السلام
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_rcapخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_voting_barخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_lcap 
قمر الدجى
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_rcapخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_voting_barخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_lcap 
ريحانة القرآن
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_rcapخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_voting_barخطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_vote_lcap 
المواضيع الأخيرة
» : اجمل التوقيعات الاسلامية اختر منها ما شئت .......
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 3:22 pm من طرف طالبة السلام

» أعظم إنسان في الكتب السماوية
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 3:15 pm من طرف طالبة السلام

» حكمة بليغة...
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 3:04 pm من طرف طالبة السلام

» آداب الصداقة و الصحبة
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:42 pm من طرف طالبة السلام

» حوار مع ظلي
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:36 pm من طرف طالبة السلام

» ما هو سر رائحة المطر ... !!
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:25 pm من طرف طالبة السلام

» عبارات حلوه ومعاني اجمل!!!!!!
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:03 pm من طرف طالبة السلام

» الحيوان الذي لا يشرب الماء أبدا
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_icon_minitimeالأحد أبريل 17, 2011 4:56 am من طرف هدي الجنة

» صلاة القضاء
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2011 5:26 am من طرف هدي الجنة

» صلاة المسافر
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2011 5:23 am من طرف هدي الجنة

» ** المتحابون في الله يحبهم الله **
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 29, 2011 1:35 pm من طرف هدي الجنة

» هنيئا لكم يا شباب مصر العظيمة
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 29, 2011 1:17 pm من طرف هدي الجنة

» viva tunisie
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 29, 2011 12:59 pm من طرف هدي الجنة

» صلة الرحم..
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_icon_minitimeالأربعاء مارس 16, 2011 4:31 am من طرف MooN TearS

» شرح لإرفاق الصور للمواضيع
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_icon_minitimeالخميس فبراير 17, 2011 11:24 am من طرف هدي الجنة


 

 خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المتشوقة للجنة
حـارس ــة الإســلام
حـارس ــة الإســلام
المتشوقة للجنة


الجنس الجنس : انثى
العمر العمر : 27
عدد المساهمات عدد المساهمات : 972

خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار Empty
مُساهمةموضوع: خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار   خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار I_icon_minitimeالأحد أكتوبر 31, 2010 11:14 am

من المعلوم ضرورةً في الإسلام أنَّ صلاة الجمُعة فريضةٌ على الرِّجال بشروطٍ ذكرَها الفقهاء،وأنَّ هذه الشَّعيرة العظيمة هي من أظْهر الشَّعائر وأجلِّها وأنفعها؛ولذا كانت في يوم العيد الأسبوعي للمسلمين، وأفْضل الأيَّام؛ إذ اختصَّ عنسائر الأيَّام بخصائص كثيرة أفردَها العلماء بكتُب وأبواب في مصنَّفاتهم؛لكثرتها وأهميَّتها.

وقد شرع الشَّارع الحكيم - جلَّ وعلا - جملةًمن الواجِبات والسنن ليوم الجمعة، من الاغتِسال والطِّيب ولبْس أحسنالثِّياب والتَّبكير للمسجد وغيرها، أحسب أنَّ من مقاصدِها تهيِئةالمصلِّين للاستِماع إلى موعظة الخطيب؛ فإنَّ التَّطهر والاغتسال والسواكوالطيب ولبس النَّظيف من الثياب منعش لصاحبه، ويُسرُّ به سرورًا كبيرًا،ويكون متهيئًا للاستماع أكثر من غيره، وإنَّ الرَّوائح الكريهة تشغلصاحبها كما تشغل المجاورين له.

والعجيب أنَّ هذه السنن العظيمة في هذه الشَّعيرة الظَّاهرة بقِيت في المسلمين على اختلاف بلدانهم وأجناسهم ولغاتهم،رغْم تقصيرهم في بعض الواجبات والفرائض كصلاة الجماعة وغيرها، وأضْحتعنايتهم بالاغتِسال ليوم الجمعة والطِّيب ولبس النَّظيف من الثياب سمةًظاهرة في شتَّى بلاد المسلمين في الجملة.

بل إنَّ الشَّارع الحكيم جعل الاستِماع للخطبة واجبًا،ونُهي شاهدُ الجمعة عن الكلام والعبث والحركة التي لا حاجة لها، ومَن فعلذلك ذهب أجر جمعته ولو حضرها؛ كما في حديث أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه- أنَّ رَسُولَ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((إذا قُلْتَلِصَاحِبِكَ يوم الجُمُعَةِ: أنْصِتْ، والإمامُ يَخْطُبُ - فَقَدْلَغَوْتَ))[1]، وعنه - رضي الله عنْه - عن رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((ومَنْ مَسَّ الحَصَى فَقَدْ لغا))[2]،ورُتِّب على حضور الجمعة على الصفة التي أمر بها الشَّارع الحكيم مغفِرةذنوب الأسبوع وزيادة؛ كما في حديث أبي هُرَيْرَة - رضي الله عنه - عنالنَّبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((من اغْتَسَلَ ثُمَّ أتىالجُمُعَةَ فصَلَّى ما قُدِّرَ له ثُمَّ أَنْصَتَ حتى يَفْرُغَ منخُطْبَتِه، ثُمَّ يُصَلِّي معه - غُفِرَ له ما بَيْنَهُ وبَيْنَالجُمُعَةِ الأخْرَى وفَضْلُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ))[3].

وصلاة الجمعة وخطبتها سنَّة باقية، وشعيرةظاهِرة منذ أن خطَبَ النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أوَّل جمعةإلى يومِنا هذا، وإلى أن يشاء الله تعالى، وهي في ازْدِياد، ومساجدالجمُعة في ازدياد أيضًا، والله - تعالى - وحْده يعلم كم من خُطْبة تُلقىكلَّ جمعة في الأرض، ولم تتوقَّف خطبة الجمُعة منذ شُرعت إلاَّ في بعضالأمْصار لظروف طارئة، كما توقَّفت الخُطبة في المسجد الأقصى زهاءَتِسْعين سنة أيَّام الاحتِلال الصَّليبي، وفِي مساجد بغْداد أرْبعين يومًاأثناء الاجتِياح التَّتري لها، ونحو ذلك، لكنَّها كانت قائمة في الأمْصارالأخرى للمسلمين.

ورغْم اتِّصال خُطبة الجمعة من العهْد النَّبويإلى يومِنا هذا، فإنَّها تباينت بتباين الخطباء والجوامع والأمْصار، فيطولها وقصرها وموضوعاتها، وبنيتها اللُّغوية والبلاغيَّة، وطريقة إلقائها،واحتفَّ بها في بعض ديار المسلمين بدعٌ ومحدثات ما أنزل الله تعالى بها منسلطان، خُصَّت بأبواب في كتُب إحصاء البدع والتَّحذير منها.

وماهذا الاختِلاف والتَّبايُن في خطبة الجمُعة - مع أنَّها نُقلتبالتَّواتُر المتَّصل الَّذي لم ينقطع أبدًا من عهد النبوَّة إلى يومناهذا - إلاَّ لاختلاف عقول البشر وثقافاتهم وعلومهم، والأحداثالسياسية والاقتصادية والمتغيرات الاجتماعية المحيطة بهم.

ومن أهمِّ الموضوعات التي اختلف أهل العِلم والدعوة والخطابة في ضبطها: مقْدار طول الخطبة وقصرها، وهو موضوع هذه المقالة التي أسأل الله تعالى أن تكون نافعة.

الأحاديث الواردة في ذلك:
نقل إليْنا أحاديث عدَّة تحثُّ على إقصار خطبة الجمعة وإطالة صلاتها، ومن هذه الأحاديث:
1- حديثأبي وَائِلٍ قال: خَطَبَنا عَمَّارٌ فأوْجَزَ وأبْلَغَ، فلما نَزَلَقُلْنا: يا أبَا اليَقْظانِ، لقد أبْلَغْتَ وأوْجَزْتَ، فلَوْ كُنْتَتَنَفَّسْتَ، فقال: إنِّي سمِعت رَسُولَ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -يقول: ((إنَّ طُولَ صَلاةِ الرَّجُلِ وقِصَرَ خُطْبَتِه مَئِنَّةٌ منفِقْهِه؛ فأطِيلُوا الصَّلاةَ واقْصُرُوا الخُطْبَةَ، وإنَّ من البَيَانِسِحْرًا))، وفي رواية: قال عمَّار - رضي الله عنه -: "أمَرَنا رسولُ الله- صلَّى الله عليْه وسلَّم - بإقْصارِ الخُطَبِ"[4].
2- حديثجابِرِ بن سَمُرَةَ - رضِي الله عنْه - قال: "كنت أُصَلِّي مع رسولِ الله- صلَّى الله عليْه وسلَّم - فكَانَتْ صَلاتُه قَصْدًا وخُطْبَتُهقَصْدًا"، وفي رواية: "كان رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لايُطِيلُ المَوْعِظةَ يوم الجُمُعةِ إنَّما هُنَّ كَلِماتٌ يَسِيراتٌ"[5].
3- حديثالحَكَمِ بن حَزْنٍ الكلفي - رضي الله عنه - قال: "قَدِمْتُ على رسول الله- صلَّى الله عليْه وسلَّم - سابِعَ سَبْعَةٍ أو تَاسِعَ تِسْعَةٍ ....قال: فلَبِثْنا عِنْدَ رسولِ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أيَّامًاشَهِدْنا فيها الجُمُعةَ فقامَ رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -مُتَوَكِّئًا على قَوْسٍ - أو قال: على عَصًا - فحَمِدَ الله وأثْنَىعليه كَلِماتٍ خَفِيفاتٍ طَيِّباتٍ مُبَارَكاتٍ"[6].

5- حديثعَمْرَو بن العَاصِ - رضي الله عنه - قال يَوْمًا وقَامَ رَجُلٌ فأكْثَرَالقَوْلَ، فقال عَمْرٌو: لو قَصَدَ في قَوْلِه لَكانَ خَيْرًا لهُ؛سمعت رَسُولَ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يقول: ((لقد رأيتُ أوأُمِرْتُ أنْ أتَجَوَّزَ في القَوْلِ؛ فإنَّ الجَوازَ هو خَيْرٌ))[7].
وهذا عامٌّ يشمل الخُطبة والموعظة.

6- حديثأبي أمامة - رضي الله عنه - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -كان إذا بعث أميرًا قال: ((اقصر الخطبة وأقلل الكلام فإنَّ من الكلامسحرًا))[8].

فكلّ هذه الأحاديث تدلُّ على إقْصار الخطبة،وفي بعضها إطالة الصلاة، والإقْصار هنا لم يرد حدٌّ لأقلِّه، ونُقل عنالشَّافعي في القديم: أنَّ أقلَّ الخُطبة كأقصر سورةٍ في القرآن، وذكرالماورْدي: إنْ حَمِد الله - تعالى - وصلَّى على نبيِّه ووعظ، أجزأه،ونُقِل عن ابن العربي أنَّ أقلَّها: حمد الله والصَّلاة والسَّلام علىنبيِّه - صلَّى الله عليْه وسلَّم - وتحذير وتبشير وقرآن[9].

قالالبغوي - رحِمه الله تعالى -: "وأقلُّ ما يقع عليه اسم الخُطْبة أن يَحمَدالله ويصلّي على النَّبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - ويُوصي بتقوى الله،هذه الثَّلاث فرضٌ في الخطْبَتَين جميعًا، ويجب أن يقْرأ في الأولى آيةًمن القرآن، ويدعو للمؤْمنين في الثَّانية، فلو ترك واحدًا من هذه الخمْسلا تصح جُمعتُه عند الشَّافعي - رحمه الله"[10].

وأحال ابن جُزي المالكي في مقْدارها على عُرف العرب، فقال: "وأقلُّ ما يسمَّى خطبةً عند العرب، وقيل: حمْد وتصْلية ووعظ وقرآن"[11].

وعامَّة الفقهاء على استِحباب ما جاءت به الأحاديث من إقصار الخطبة وعدم إطالتها[12] حتَّى قال القرافي - رحمه الله تعالى -: "واتَّفق الجميع على استِحْسان قصر الخطبة"[13]، وساق الشَّوكاني جملة من الأحاديث في ذلك ثمَّ قال: "وأحاديث الباب فيها مشروعية إقصار الخطبة ولا خلاف في ذلك"[14].

وقال ابن عبدالبر - رحمه الله تعالى -: "وأما قصر الخطبة فسنَّة مسنونة كان رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يأمر بذلك ويفعله"[15]وقال أيضًا: "وأهل العلم يَكرهون من المواعظ ما ينسي بعضه بعضًا لطوله،ويستحبُّون من ذلك ما وقف عليه السَّامع الموْعوظ فاعتبره بعد حفْظِه له،وذلك لا يكون إلا مع القلة"[16].

ومن الفقهاء مَن يوجب إقصار الخطبة ويُحرِّم إطالتها كابن حزم[17].

ولكنليس في شيءٍ من الأحاديث - فيما وقفتُ عليه منها - تَحديدمقْدار الخطبة؛ ولذلك اختلف العلماء في قدْرِها، وفي فهم معْنى الإقْصارالمأمور به؛ إذ إنَّ الإطالة والإقصار من الأمور النِّسبيَّة الَّتي لايمكن تَحديدُها إلاَّ بالنسبة لغيرها:
1- فمن أهل العلم مَن رأى أنَّ ذكر الصلاة مع الخطبة في بعض الأحاديث يَقتضي المقارنة بينهما بحيث تكون الخطبة أقصر من الصَّلاة؛للأمر بإقصار الخطبة وإطالة الصلاة، قال البيهقي - رحمه الله تعالى -:"وهكذا استحبَّ الشَّافعي في القديم أن يكون كلامه خفيفًا وصلاته أطول منكلامه"[18]، وقالزكريا الأنصاري - رحمه الله تعالى -: "القصر والطول من الأمور النسبيَّة،فالمراد بإقْصار الخطبة إقْصارها عن الصَّلاة، وبإطالة الصَّلاة إطالتهاعلى الخطبة"[19]، وهو ظاهر كلام شيخ الإسلام لأنَّه قال: "الإطالة هنا بالنسبة إلى الخطبة"[20].

واعتمده كثير من طلاب العلم المعاصرين،ومنهم مَن حسب الصلاة بقراءة سورتي الجمُعة والمنافقون مترسِّلاً فكانتقريبًا من ثلث ساعة، أو ربع ساعة فيكون مقدار الخطبة ربع ساعة أو ثلثساعة، وأعْرِف من إخواني الخُطباء مَن يَحرصون على إقصار الخطبة عنالصَّلاة لموافقة السنَّة[21].

قلتُ: هذاالفهم للحديث فيه نظر، كما أنَّ تَحديد الخطبة بزمَن معيَّن ليس عليهدليل، وهو مبنيٌّ على فهم غير دقيق لأحاديث الإقْصار، وسيأتي بيان ذلك إنشاء الله تعالى.

2- ومن العلماء مَن ذكروا إقْصار الخطبة لكن لم يحدُّوه بحدّ،ولم يجعلوه بالنِّسبة للصلاة، قال الحافظ ابن رجَب - رحِمه الله تعالى -:"وكان مع ذلك مقتصدًا في خطبته ولا يُطيلها، بل كانت صلاته قصدًا وخطبتهقصدًا"[22]، ومنهممَن نصَّ على عدم المبالغة في إقصارها كما نقل النَّووي - رحمه الله تعالى- عن فُقهاء مذهب الشَّافعي - رحمه الله تعالى -: "قال أصحابنا: ويكونقصرها معتدلاً، ولا يبالغ بحيث يمحقها"[23].

ومن هؤلاء مَن جعل الأصل هو الإقصار ولم يحدُّوه بحد،لكن أجازوا الإطالة إذا اقتضى الحال ذلك، قال الأذرعي من الشَّافعيَّة:"وحَسَنٌ أن يَختلف ذلك باختلاف أحوالٍ وأزمان وأسباب، وقد يقتضي الحالالإسْهاب، كالحثِّ على الجهاد إذا طرق العدوُّ - والعياذ بالله تعالى -البلاد، وغير ذلك من النَّهي عن الخمْر والفواحش والزِّنا والظلم إذاتتابع الناس فيها"[24].

وهذه الإطالة الطَّارئة لا تخرج الخطيب عن مئنَّة الفقه، كماقال الشيخ ابن عثيمين - رحِمه الله تعالى -: "وأحيانًا تستدعي الحالالتطويل، فإذا أطال الإنسان أحيانًا لاقتضاء الحال ذلك فإنَّ هذا لا يخرجهعن كونه فقيهًا؛ وذلك لأنَّ الطول والقصر أمر نسبى، وقد ثبت عن النَّبي -صلَّى الله عليْه وسلَّم - أنَّه كان يخطب أحيانًا بسورة (ق) وسورة (ق) مع التَّرتيل والوقوف على كلِّ آيةٍ تستغْرِق وقتًا طويلاً"[25].
3- ومنهم مَن فهِم منه أنَّ الأمر بإقصار الخطبة بالنِّسبة لكونها خطبة،وللخطبة موضوع وفكرة لا بدَّ أن يوضحها الخطيب طالت خطبتُه أم قصرت، كماكان عند العرب خطب طويلة، وكما حُفظ عن السَّلف خطب طويلة، فالمقصود إيفاءالموضع حقَّه، وإيصال فكرته للمنصت حتَّى يستفيد منه.

وأمَّا إطالة الصَّلاة فليست بالنسبة للخُطبة، وإنَّمابالنسبة لغيرها من الصَّلوات التي جاء الأمر بتخْفيفها في الجملة، وليسمعنى ذلك أن تكون الخطبة أقصرَ من الصَّلاة، قال سليمان الجمل في حاشيته:"قوله بالنسبة للصلاة؛ أي: وإن كانت طويلة في نفسها"[26]؛ أي: الخطبة.

بليرى الشيخ ابن جبرين - رحمه الله تعالى - أنَّ الخطبة ما قسمت يوم الجمعةإلى خطبتَين إلاَّ لطولها، فاقتضى ذلك الجلوس للاستِراحة بين الخطبتين،وحدَّ الطَّويلة بساعة فأكثر، وعدَّ من الخطب القصيرة أن تبلغ ساعة إلاَّثلثًا[27].

وقالالشيخ عبدالمحسن الزَّامل - حفِظه الله تعالى -: "وليس المراد أنَّ الصلاةتكون أطول من الخطبة، لا، المراد أنَّ الخطبة بالنسبة إليها تكون قصيرة،وأنَّ الصلاة تكون طويلة"[28].

والذييظهر لي أنَّ هذا القول هو الصَّحيح في فهم أحاديث الإقصار، وأنَّه لاحدَّ لطول الخطبة أو قصرها، وأنَّ عدم التَّحديد كان مقصودًا للشَّارعالحكيم، وأنَّ ذلك متروك لاجتِهاد الخُطباء، وتلمُّسهم لحاجات الناس،وترجيحي لهذا القول من أوجُه ثلاثة:
الوجه الأوَّل: أنَّه لم يرِد في أيِّ حديث من أحاديث الإقْصار تَحديد هذا الإقصار، ومنفَهِم من الحديث أنَّ الخطبة تكون أقْصر من الصَّلاة فقد أبعدَ النجعة؛لأنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لم يقُل: من فقه الرجُل أنتكون خطبته أقصر من صلاته، وإنَّما ذكر طول الخُطبة وقصر الصَّلاة، ولايقتضي الجمع المقارنة بيْنهما، بل قصر الخُطبة بالنسبة لكونِها خطبةوالعادة فيها الطول، وطول الصلاة بالنسبة لكونِها صلاة والأصل فيهاالتَّخفيف؛ لحديث: ((أيُّكُمْ أمَّ الناس فلْيُوجِزْ))[29]، فتخرج صلاة الجمعة عن هذا الأصل لهذا الحديث، ويُطَوَّلُ فيها.

الوجه الثاني: ما نُقِل عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - ممَّا ظاهره التَّطويل، وكذلكما نقل عن عمر - رضي الله عنه - وكان بمحضر من الصَّحابة - رضِي اللهعنْهم - ولَم ينكر عليْه أحد منهم؛ مما يدلّ على أنَّهم ما فهموا منأحاديث إقصار الخطبة أن تكون أقلَّ من الصَّلاة، ومن هذه الأحاديث:
1- حديث بِنْت حَارِثَةَ بن النُّعْمَانِ - رضي الله عنها - قالت: "ما حَفِظْتُ (ق) إلاَّ من في رسولِ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يَخْطُبُ بها كُلَّ جُمُعَةٍ"[30]،ومعلوم أنَّ سورة (ق) ليست بالقصيرة، فكيف إذا ضمَّ إليْها افتِتاحهالخطبة بالحمْد، وربَّما أنَّه ذكَّر ووعظ كما هو هدْيه - صلَّى اللهعليْه وسلَّم - في الخطبة.

2- حديث ربِيعةَ بن عبدالله بن الهُدَيْرِ التَّيْمِيِّ:أنَّه حضر عُمَرَ بن الخطَّابِ - رضي الله عنه - قرَأ يوم الجُمُعةِ علىالمِنْبَرِ بِسُورةِ النَّحْلِ، حتَّى إذا جاء السَّجْدَةَ نَزَلَ فسَجَدَوسَجَدَ النَّاس، حتَّى إذا كانت الجُمُعَةُ القابِلةُ قَرَأ بها، حتَّىإذا جاء السَّجْدَةَ قال: "يا أيُّها الناس، إنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ،فَمَنْ سَجَدَ فقَدْ أصَابَ، ومَنْ لم يَسْجُدْ فلا إثْمَ عليه"، ولميَسْجُدْ عُمَرُ - رضِي الله عنه"[31].

وظاهرُ الحديث أنَّه قرأ السورة كلَّها في الجمعَتَين كلتَيْهما، ومعلومأنَّ سورة النَّحل طويلة جدًّا، وبعيد أن يُطيل الصَّلاة أكثر من الخطبةوإلاَّ لشقَّ على النَّاس، وكانت خطبتاه بمحضر من الصَّحابة - رضِي اللهعنهم - ولم يُعرف منكِر عليه هذا التَّطويل، مع ملاحظة أنَّه لم يكنثَمَّة ضرورة لقِراءة سورة النَّحل فيما يظهر؛ حتَّى لا يقال: إنَّالضَّرورة دعت لهذا التَّطويل بسبب نازلة اقتضت ذلك؛ إذ بإمكان الفاروق -رضي الله عنه - أن يقرَأَها عليهم في غير الخُطْبة.

3- حديث ابن عبَّاس - رضِي الله عنهما - وهو طويل وفيه قصَّة،والشَّاهد منه خطبة عمر - رضي الله عنه - وفيها قال ابن عبَّاس - رضي اللهعنهما -: "فلما سَكَتَ المُؤَذِّنُونَ قام فأثْنَى على الله بِما هوأهْلُهُ ثُمَّ قال: .... إلخ" وساقها وهي طويلة[32].

ومانقله ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - هو جزء من خطبة عمر - رضي الله عنه -لأنَّ ابن عباس أشار إلى الحمْد ولم يذكره، كما لم يذْكُر الخطبةالثَّانية؛ لأنَّه لم يذكر جلوسًا، والأصل أنَّ هذا المنقول من خُطْبتِه -رضي الله عنه - كان متَّصلاً لم يقطعْه كما يفهم من سياقها، وهذا الجزء منخُطبة الفاروق - رضي الله عنه - أطولُ من سورَتَي "الجمُعة والمنافقون"، مجتمعَتَين بما يقارب الضِّعف، وهُما أطول سورَتَين تُقرآن في صلاة الجمعة؛ إذ بلغتْ خطبته بحساب الوورد (618 كلمة) بينما عدد كلِمات "الجمعة والمنافقون" (363 كلمة)، والله أعلم.

وجاءت آثارٌ عن بعض السَّلف في الإطالة، وهي آثار ضعيفة، منها:
1- أنَّ عمَّار بن ياسر - رضي الله عنهما - كان يقرأ يوم الجمُعة على المنبر بـ"ياسين"[33].
2- أنَّ أبا موسى الأشعري - رضي الله عنه -: قرأ سورة الحجِّ على منبر البصرة فسجدَ بالنَّاس سجدتين[34].
3- أنَّ أبان بن عثمان - رحمه الله تعالى - كان يقرأ يوم الجمُعة على المنبر سورة الأنعام[35].

الوجه الثالث: أنَّ ترْك تحديد الإقْصار مقصود للشَّارع الحكيم، وبيانذلك أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - مكث في المدينة عشْرسنوات، فهاجر في ربيع من السَّنة الأولى، وتوفِّي في ربيع من الحاديةعشرة، وصلَّى الجمعة فور وصوله المدينة، فيكون قد خطب بالنَّاس عشر سنوات،والسَّنة الواحدة فيها خَمسون جمعة تقريبًا، فيكون النَّبيُّ - صلَّى اللهعليْه وسلَّم - صلَّى في المدينة منذ هجرته إلى وفاته ما يُقارب من (500)جمعة، فلو حذفْنا منها مائةَ خطبة من خطبه - صلَّى الله عليْه وسلَّم -لأسفارِه وغزواته بل مائتَين، لبقِي لنا ثلاثمائة، والصَّحابة متوافِرون،ويحضر خطبتَه الجمع الكبير وهم الحفَّاظ الَّذين حفظوا عن النبي - صلَّىالله عليْه وسلَّم - أقْواله وأفعاله وتقْريراته مهْما كانت طويلة، فروىجابر حجَّته - صلَّى الله عليْه وسلَّم - من بدايتِها إلى نهايتِها، وروىكعب بن مالك قصَّة توبتِه، وروت عائشة حادثة الإفْك وتفاصيلها، وغير ذلككثير، ثمَّ لا يُنقل إليْنا خطبة جُمعة كاملة عن النَّبي - صلَّى اللهعليْه وسلَّم - من بدايتها إلى نهايتها، مع حضور الجمْع الكبير لخُطْبته،وتكرُّرها كلَّ أسبوع طيلة عشْر سنوات، وقد نُقل ما لم يتكرَّر مثل خطبعرفة ويوم النَّحر والكسوف، وهي خُطبة واحدة، فكان أدْعى أن ينقل إليْناكثير من خطبه المتكرّرة، ولا يرد على تقرير هذا بعض الأحاديث الَّتي هيجزءٌ من خطبتِه؛ لأنَّ مرادي خطبة كاملة.

الَّذي يظهر -والله تعالى أعلم - أنَّ عدم النقل كان مرادًا للشَّارع الحكيم - سبحانهوتعالى - وأنَّ تحديد خطبة الجمعة بمقدار معيَّن من الكلام أو بزمن معينليس مرادًا له - جلَّ وعلا - وأنَّ ذلك تُرك لأحْوال النَّاس والزَّمانوالمكان، وأُنيط باجتِهاد الخطباء، بِحيث يأتون بما ينفع النَّاس، معمراعاة الأصل العام، وهو التَّخفيف؛ لأنَّه مئنَّة الفقه، دون تحديد مقدارهذا التخفيف، وتكون الخطبة طويلة إذا كانت مملَّة غير نافعة ولو كانتقصيرة، وتكون مُمتعة إذا كانت نافعة ولو كانت أطول من غيرها.

كذلك لم يُنقل مقْدار الخطبة، وإنَّماوصفت بأنَّها يسيرة فقط، مع أنَّ الصَّحابة حفظوا ما هو أقلُّ شأنًا منالخطبة، وقدَّروه بمقادير يمكن معرفة الزَّمن فيها على وجه التَّقريب؛وذلك حتى لا يكون المنقول أو تحديده ميزانًا توزن به الخطب فلا تتعدَّاها،وحينئذ لا تفي بحاجات الناس المختلفة عبر الزمان والمكان، فذُكر الأصل وهوالتَّخفيف، وتُرك مطلقًا بلا تحديد؛ ليراعيه الخطيب، ولا يكون مقيّدًا لهأو حُجَّة عليه فلا يستوفي موضوعاته بسببه؛ وذلك شرع الحكيم العليم - جلَّفي علاه.

وهذا التَّخريج تجتمع به الأدلَّة، ولا يُضرب بعضها ببعض، ويبطل حجَّة مَن يقول: الخطباء يدْعون النَّاس في خطبهم للالتزام بالسنَّة ثُمَّ يُخالفونها هُم في خطبهم.

لماذا لم تحدَّ الخطبة بحدّ معين؟
مَنتأمَّل اختِلاف أحوال النَّاس والجوامع والخطباء عبْر الزَّمان والمكانوالظُّروف المحيطة بهم، تبيَّن له شيءٌ من حكمة الشَّارع الحكيم - جلَّوعلا - في الأمر بالإقْصار مع عدم تحديدِه:
1- فبعض النَّاس يكونون في عمل ودراسةٍ يوم الجمعة،كما في المراكز الإسلاميَّة في كلّ البلاد الكافرة، وهذا يقتضي مُراعاةأحوالهم أكثرَ من غيرهم؛ لأنَّهم يقتطعون وقتًا من عملِهم أو دراستهملأجْل الصَّلاة، فليس حالُهم كحال مَن عندهم يوم الجمعة إجازة.
2- وبعْضالجوامع تكون مهيَّأة، والمصلُّون فيها مرتاحون، فهي ليست كالجوامع الَّتيفيها حرّ شديد، ولا وسائل فيها للتَّبريد، أو كان البرد فيها شديدًا، ولاوسائل للتدفئة.
3- وبعض الأئمَّة يكون محسنًا للموضوع الَّذي يتحدَّث فيه،وتكون أفكار خُطبته مرتَّبة، وفيها فوائد جليلة، ويودّ الحاضرون أن لايسكت؛ لكثرة الفوائد التي ينثُرُها عليهم، فهذا ليس كفاقِد المعرفة الَّذيلا يُلمُّ بموضوع خطبته، أو كانت معلوماته غير وافيه في الموضوع المراد،فيملُّ النَّاس حديثَه.
4- ومن الخطباء: البليغ الممْتع، ومنهم العيي المتَأْتئ،يُعيد في الموضوع ولا يفيد، فالأوَّل لو خطب ضِعْف خطبة الثاني ما ملَّهالنَّاس وملُّوا الثَّاني، وهذا مشاهَد؛ إذ يقوم رجل عقب الصَّلاةفيتحدَّث عشر دقائق ليس في موعظتِه موضوع محدَّد، ولا يدْري الحاضرون ماذايريد، كأنَّه تحدَّث لأجل الحديث فقط، فهذا ينصرف النَّاس عنه منذ أنيتبيَّن لهم حاله، ويأتي متحدِّث متمكِّن لديْه موضوع مهم محدَّد، يُجيدالكلام فيه فيمكُثُ نصف ساعة لم يتحرَّك أحد من مكانه، فهذا لا يصدق عليهأنَّه أطال ولو أطال، والأوَّل يصدق عليه أنَّه أطال ولو لم يزِد على عشردقائق؛ لأنَّه حبس النَّاس ولم يفدهم بشيء.
5- وبعض المصلِّين يكونون على قدْرٍ من العِلْم والمعرفة،ويحبُّون بعض التفاصيل في الموضوعات التي يطرقُها الخطباء، ولا يشبعهمالكلام العام؛ لأنَّهم يعرفونه في الأصل، وفي النَّوازل يريدون حكم أهْلالعلم فيها، فيقتضي ذلك شيئًا من الطول، وعكسهم من كانوا قليلي علم، ضعيفيإدراك، فلا يحسن لهم إلاَّ الاختِصار والتَّسهيل والتَّركيز؛ ليدْرِكوا مايقول الخطيب.
6- وبعض البلاد تكثُر فيها الأحداث والنَّوازل وتتزاحم الموضوعات على الخطيب،فيضطر لاستيعاب كلّ موضوع على حدة؛ لأنَّه قد لا يعود إليْه مرَّة أخرى،وبلاد أخرى كالقرى والهجر والمدن الصَّغيرة أحداثها أقل، ومشاكلها أصغر،فلا تُساوَى بالأولى.
ومع الانفِتاح الإعلامي صارت الموضوعات تتجدَّد،والأحداث تتسارع، وكلّ الأحداث الكبرى في الأرض تُنقل للنَّاس، فيؤمُّونالمساجد يوم الجمعة لمعرفة الأحْكام الشَّرعيَّة فيما يستجدّ، وهذه قضيَّةمهمَّة ما كانت موجودة عند الخطباء السَّابقين حينما كانت الحوادث محصورةعلى المكان الَّذي هم فيه، وقد أخطأَ مَن ظنَّ حصر الخطبة في الوعظ البحتفقطْ، فالخطبة تعليم وتوجيه ووعظ وإرشاد وبيان أحكام.
7- والموْضوعات الملْقاة على الناس ليست واحدة،فمِنْها ما يكْفي فيه الاختِصار، ومنها ما يَحتاج إلى شيء من طولٍللإيضاح، فليستْ على سنن واحد في أهميَّتها وحاجة النَّاس إليها، ومعرفتهمبها.
8- والزَّمان كذلك يَختلف؛فليست الخطبة في العشْر الأواخر من رمضان مع سهَر النَّاس للقيام كغيرهافي سائِر العام، وكذلك المكان؛ فليست الخُطْبة في الحرم المكِّي وهو ممتلئبالطَّائفين يوم النَّحر كمثلها في أوقات السَّعة.

مقترحات تعين على إقصار الخطبة:
1- تصوُّر الموضوع تصوُّرًا صحيحًا، وذلك بجمع مادَّته قبل الكتابة وتقسيمها وترتيبها.
2- معرفة زمَن الخطبة بعدد الأوْراق التي يكتبها حسب إلقائه في العادة، فيحدّ نفسه بعدد من الصَّفحات يقصر عنْه لكن لا يتجاوزه إلاَّ لضرورة.
3- إن اكتمل موضوعه وكانت الخطبة أقصرَ ممَّا اعتاد عليه، فليبقهاكما هي عليه - إن لم يكن إقصارها مخلاًّ - ولا يلزم أن يَزيدأيَّ كلام ليصِل إلى الحدِّ الَّذي وضعه؛ لأنَّ الإقصار أصل شرْعي فيالخطبة إذا لم يخلَّ بالموضوع.
4- تدعيم موضوع الخطبة بنصوص الكتاب والسنَّة،واختيار ما هو قطْعي الدلالة، فلا قول لأحد مع قول الله تعالى وقول رسوله- صلَّى الله عليْه وسلَّم - والخطيب يريد إقناع المنصتين لخطبته، وهممؤمنون بالوحْي، فتدعيم الخطبة بالنصوص يكفي الخطيب مؤنة كلام كثير فيالإقناع.
5- اختيار الكلِمات والجمل الجامعة والأمثال والِحكم، التي تغني عن كلام كثير، وقد أوتي النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - جوامع الكلم.
6- اجتناب إطالة الوصْف بالجُمَل المترادفة التي تؤدِّي معنى واحدًا،وهي آفة كثير من الخُطَباء الَّذين يحبُّون السَّجع ويتكلفونه، إلاَّ إذااقتضت الحاجة للوصف وذكر المترادف، كما لو أراد الخطيب استِدْرار عواطفالمصلين في التَّذكير بالآخرة ونحو ذلك.
7- الاقتِصار على الشَّاهد من النص؛ فأحيانًا تكون الآية أو الحديث أو الأثر طويلاً، وموضعالشَّاهد منه قصيرًا جدًّا، فيورد الخطيب كلَّ الآية أو الحديث أو الأثرفيُطيل على الناس ويربك تركيزهم، وأحيانًا يسبق الحديث أو الأثر قصَّة لاعلاقة لها بموضوع الخطبة فيسوقها الخطيب ولا داعي لها.

8- إذا تبيَّن للخطيب أنَّ الموضوع طويل فالحلّ هنا قسمته إلى عدَّة موضوعات بدل الإطالة، وقد سبق أن بيَّنت كيفيَّة ذلك في موضوعات سابقة.
9- الاكتفاء بذكر النَّصّ المستشْهد به - سواء كان آية أم حديثًا أم قولاً لأحد - عن ذكر معناه معه أو نتيجته، ومثال ذلك:بعض الخطباء في ذكر فضائِل الجمعة يقول: وفيها ساعة إجابة لا يوافقها عبدٌمسلم يسأل الله تعالى شيئًا إلا أعطاه الله تعالى إيَّاه، وهي آخر ساعة منالعصر؛ لما جاء في حديث ... ثمَّ يسوق الحديث بتمامِه، فهنا صارتكرار لا داعي له، وكان بالإمكان أن يوجز العبارة بقوله: وفيها ساعة إجابةأخبر عنْها النَّبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بقوله...

وأقبح من ذلك أن يكرِّر في الكلام والأفكار لغير معنى يقتضي ذلك، كالتأكيد ونحوه.
10- إذا كان موضوع الخطبة عن طاعة قصَّر النَّاس فيها،أو معصية وقعوا فيها، أو مشكلة حدثتْ فيهم، ومعلوم أنَّ مثل ذلك: له أسبابوآثار وعلاج، وأحيانًا تكون الآثار دينيَّة ودنيويَّة وتكون طويلة، فلأجلالإقْصار وعدم الإطالة أقترح أن يفرد الأسباب في خُطبة، ويشير سريعًاللآثار والعلاج، ويضع أُخرى للآثار ويُشير فيها سريعًا للأسباب والعلاج،وثالثة للعلاج ويشير فيها للأسباب والآثار، ولاسيَّما في الموضوعاتالمهمَّة، فيعود بفوائد عدَّة، منها: عدم الإطالة، وإعطاء الموضوع حقَّه،وتكريره على النَّاس بأساليب مختلفة.
11- اجتِناب الشَّرح المملّ الَّذي لا داعي له، أو إيضاح ما هو واضح، أو الإطالة في تَخريج الأحاديث أو شرح الغريب؛ إذْ محلّ ذلك الدُّروس والبحوث لا الخطب.



ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] رواه البخاري (892) ومسلم (851).
[2] رواه مسلم (857).
[3] رواه مسلم (857)
[4] رواه مسلم (869)، والرواية الثانية لأبي داود (1106).
وجاءبنحوه بسندٍ ضعيف عن ابن مسعود - رضي الله عنه، رواه البزار (1908) وقالالهيثمي: رواه البزَّار وروى الطبراني بعضَه موقوفًا في الكبير، ورجالالموقوف ثقات وفي رجال البزَّار قيس بن الرَّبيع؛ وثَّقه شعبة والثوريوضعَّفه الناس؛ مجمع الزوائد: 2/190.
ونقل الشَّوكاني عن العراقي أنَّ وقْفه أوْلى بالصَّواب؛ نيل الأوطار: 3 /331.
[4] رواه أبو داود (5008) وسنده ضعيف.

[5] رواه مسلم (866) والرواية الثانية لأبي داود (1107).
[6] رواهأبو داود (1096) وأحمد: 4 /212، وفي سنده شهاب بن خراش أبوالصلت مختلف فيه، ونقل الشوكاني تصحيح ابن خزيمة وابن السَّكن، وتحسينالحافظ للحديث، انظر: نيل الأوطار: 3 /330.
[7] رواه أبو داود (5008) وسنده ضعيف.
[8] عزاهالهيثمي في مجمع الزوائد للطَّبراني فقال: رواه الطَّبراني في الكبير مِنرواية جميع بن ثوب وهو متروك: 2 /190، ونقل الشوكاني عن البخاريوالدَّارقطني أنَّه منكر الحديث، وعن النَّسائي: مترك الحديث، نيلالأوطار: 3 /331.
[9] الحاوي الكبير: 2 /443.
[10] شرح السنة: 4 /364.
[11] القوانين الفقهية: ص56.
[12] انظر:بدائع الصنائع: 1 /263، شرح الخرشي على مختصر خليل: 2 /82،والأوسط لابن المنذر: 4 /60، والكافي لابن قدامة: 1 /222،والمغني: 2 /78.
[13] الذخيرة: 2 /345.
[14] نيل الأوطار: 3 /332.
[15] الاستذكار: 2 /363.
[16] الاستذكار: 2 /364.
[17] قال - رحمه الله تعالى -: "ولا تجوز إطالة الخطبة". المحلى: 5 /60.
[18] معرفة السنن والآثار: 2 /61، وانظر: نهاية المحتاج: 2 /326، وحاشية الجمل على شرح المنهج: 2 /35.
[19] أسنى المطالب: 1 /260.
[20] مجموع الفتاوى: 22 /597.
[21] وقدنشرت بعض الصُّحف المصريَّة أنَّ وزارة الأوقاف المصريَّة ألزمتِ الخطباءبأن لا يَزيدوا في خُطَبهم على (ثلث ساعة) وحقَّقت مع سبعة خُطباء لأنَّهمتَجاوزوا ذلك، وفي ظنِّي أنَّها أخطأت في التَّحديد، وفي إلزام الخطباءبما لم يرد، كما أنَّ الخطباء إن كان دأبُهم المشقَّة على الناس بالإطالةفقد أخطؤُوا.
[22] فتح الباري لابن رجب: 5 /490.
[23] المجموع: 4 /448.
[24] نهاية المحتاج: 2 /326، حاشية الجمل على شرح المنهج: 2 /35.
[25] الشرح الممتع: 5 /65.
[26] حاشية الجمل: 2 /35.
[27] الموقع الرسمي للشيخ ابن جبرين على الإنترنت.
[28] موقع جامع شيخ الإسلام ابن تيمية على الإنترنت.
[29] رواه من حديث أبي مسعود الأنصاري - رضِي الله عنه -: البخاري (6740) ومسلم (466).
[30] رواه مسلم (873).
[31] رواه البخاري (1027).
[32] رواه البخاري (6442) ورواه مسلم مختصرًا (1691).
[33] رواه ابن سعد في الطبقات: 3 /255 وابن عساكر في تاريخه: 43 /440.
[34] رواه ابن المنذر في الأوسط: 5 /264 - 265.
[35] رواه أبو عبيد في فضائل القرآن: 2 /61.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
خطبة الجمعة بين الإطالة والإقصار
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خطبة الجمعة رؤية تصحيحية
» أحكام يوم الجمعة
» منبر الجمعة
» منبر الجمعة
» خطبة عيد الفطر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الساحة الإسلامية :: الأقسام الشرعية :: ••زاد الخطيب ..«-
انتقل الى: