الساحة الإسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
هدي الجنة
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_rcapمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_voting_barمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_lcap 
دمــ ع ــــة خ ـــشيـــة
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_rcapمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_voting_barمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_lcap 
المتشوقة للجنة
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_rcapمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_voting_barمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_lcap 
عطر الشهادة
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_rcapمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_voting_barمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_lcap 
pipawn et islam
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_rcapمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_voting_barمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_lcap 
راجية عفو الله
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_rcapمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_voting_barمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_lcap 
إيمــــان قلب
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_rcapمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_voting_barمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_lcap 
طالبة السلام
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_rcapمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_voting_barمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_lcap 
قمر الدجى
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_rcapمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_voting_barمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_lcap 
ريحانة القرآن
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_rcapمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_voting_barمَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_vote_lcap 
المواضيع الأخيرة
» : اجمل التوقيعات الاسلامية اختر منها ما شئت .......
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 3:22 pm من طرف طالبة السلام

» أعظم إنسان في الكتب السماوية
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 3:15 pm من طرف طالبة السلام

» حكمة بليغة...
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 3:04 pm من طرف طالبة السلام

» آداب الصداقة و الصحبة
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:42 pm من طرف طالبة السلام

» حوار مع ظلي
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:36 pm من طرف طالبة السلام

» ما هو سر رائحة المطر ... !!
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:25 pm من طرف طالبة السلام

» عبارات حلوه ومعاني اجمل!!!!!!
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:03 pm من طرف طالبة السلام

» الحيوان الذي لا يشرب الماء أبدا
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_icon_minitimeالأحد أبريل 17, 2011 4:56 am من طرف هدي الجنة

» صلاة القضاء
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2011 5:26 am من طرف هدي الجنة

» صلاة المسافر
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2011 5:23 am من طرف هدي الجنة

» ** المتحابون في الله يحبهم الله **
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 29, 2011 1:35 pm من طرف هدي الجنة

» هنيئا لكم يا شباب مصر العظيمة
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 29, 2011 1:17 pm من طرف هدي الجنة

» viva tunisie
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 29, 2011 12:59 pm من طرف هدي الجنة

» صلة الرحم..
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_icon_minitimeالأربعاء مارس 16, 2011 4:31 am من طرف MooN TearS

» شرح لإرفاق الصور للمواضيع
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_icon_minitimeالخميس فبراير 17, 2011 11:24 am من طرف هدي الجنة


 

 مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
إيمــــان قلب
داعية جديد
داعية جديد



الجنس الجنس : انثى
العمر العمر : 28
عدد المساهمات عدد المساهمات : 60

مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ Empty
مُساهمةموضوع: مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟   مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟ I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 28, 2010 4:37 am

الْحَمْدُ لله الْعَلِيْمِ الْحَكِيْمِ؛ خَلَقَ الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ، وَأَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِ، فَمِنْهُمْ الْطَّائِعُ وَمِنْهُمْ الْعَاصِي، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَجْزِيْهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ، نَحْمَدُهُ وَنَشْكُرُهُ وَنَتُوْبُ إِلَيْهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الْدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيْعُوْهُ، وَكَبِّرُوهُ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَاشْكُرُوْهُ عَلَى مَا أَعْطَاكُمْ [وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُوْنَ] {الْبَقَرَةِ:185}.
أَيُّهَا الْنَّاسُ: إِنَّكُمْ إِنْ قَضَيْتُمُ رَمَضَانَ تَتَقَلَّبُونَ فِيْ نَعِيْمِ الْعِبَادَاتِ، وَرِيَاضِ الطَّاعَاتِ، فَاعْلَمُوا أَنَّ المُؤْمِنَ مَأْمُوْرٌ بِدَوَامِ الْعِبَادَةِ إِلَى حُلُوْلِ الْأَجَلِ، قَالَ المَسِيْحُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ وَهُوَ فِيْ المَهْدِ مُخْبِرَاً عَنْ رَبِّهِ تَعَالَى [وَجَعَلَنِيَ مُبَارَكَاً أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِيْ بِالصَّلَاةِ وَالْزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيَّاً] {مَرْيَمَ:31} فَأَخْبَرَ بِوَصِيَّةِ الله تَعَالَىْ لَهُ بِالْدَّوَامِ عَلَى الصَّلَاةِ وَالْزَّكَاةِ مَا دَامَ حَيَّاً، وَوَصَايَا الله تَعَالَىْ لِأَنْبِيَائِهِ عَلَيْهِمُ الْسَّلَامُ هِيَ وَصَايَا لِلْبَشَرِ جَمِيْعَاً؛ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ الْسَّلامُ هُمْ رُسُلُ الله تَعَالَىْ إِلَى الْبَشَرِ، وَخَاطَبَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ مُحَمَّدَاً ^ بِقَوْلِهِ [وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىَ يَأْتِيَكَ الْيَقِيْنُ] {الْحَجَرَ:99} فَلَا يَحُوْلُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْعَمَلِ الْصَّالِحِ إِلَّا المَوْتُ؛ لِأَنَّ الْدُّنْيَا مَيْدَانُ عَمَلِ الْآخِرَةِ، فَاجْعَلُوا أَعْمَارَكُمُ كَرَمَضَانَ مُحَافَظَةً عَلَى الْفَرَائِضِ، وَإِكْثَارَاً مِنَ الْنَّوَافِلِ، وَكُوْنُوْا رَبَّانِيِّيْنَ تَعْبُدُوْنَ اللهَ تَعَالَى فِيْ كُلِّ حِيْنٍ، وَلَا تَكُوْنُوْا مَوسِمِّيِّينَ لَا تَعْرِفُوْنَهُ إِلَّا فِي المَوَاسِمِ.
إِنَّ رَمَضَانَ كَانَ مَوْسِمَاً لِعِبَادَاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ، وَقَدْ مَضَىْ بِمَا أَوْدَعَهُ الْعِبَادُ مِنْ أَعْمَالٍ، وَكَمَا أَنَّ اللهَ تَعَالَىْ قَدْ شَرَعَ الْفَرَائِضَ وَمَوَاسِمَهَا فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ دَلَّ الْعِبَادَ عَلَى مَا يَعْمَلُوْنَهُ عَقِبَ انْتِهَائِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ: إِكْمَالُ نَقْصِهَا، وَتَرْقِيعُ خُرُوْقِهَا، وَالْخَوْفُ مِنْ رَدِّهَا، وَاسْتِئْنَافُ عِبَادَاتٍ أُخْرَى.
أَمَّا إِكْمَالُ نَقْصِهَا وَتَرْقِيعُ خُرُوْقِهَا فَيَكُوْنُ بِالِاسْتِغْفَارِ، وَهُوَ الْعَمَلُ الَّذِيْ أَمَرَنَا بِهِ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ عَقِبَ الْعِبَادَاتِ كَالْوُضُوْءِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، وَأَثْنَى بِهِ عَلَى المُتَهَجِّدِينَ إِذْ كَانُوْا يَشْتَغِلُوْنَ بِالاسْتِغْفَارِ بَعْدَ الْتَّهَجُّدِ [كَانُوْا قَلِيْلا مِنَ الْلَّيْلِ مَا يَهْجَعُوْنَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُوْنَ] {الْذَّارِيَاتِ:17-18} وَفِيْ خِتَامِ مَنَاسِكِ الْحَجِّ [ثُمَّ أَفِيْضُوْا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ الْنَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوْا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُوْرٌ رَحِيْمٌ] {الْبَقَرَةِ:199} وَأَمَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىْ بِالِاسْتِغْفَارِ مَعَ الْأَمْرِ بِالاسْتِقَامَةِ، وَهِيَ لَازِمَةٌ عَلَى الدَّوَامِ [فَاسْتَقِيْمُوْا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوْهُ] {فُصِّلَتْ:6}؛ ذَلِكَ لِأَنَّ المُسْتَقِيْمَ يَقَعُ فِيْ نَقْصٍ يَحْتَاجُ إِلَى إِكْمَالٍ، كَمَا يَقَعُ مِنْهُ تَخْرِيقٌ لِلْعِبَادَةِ يَحْتَاجُ إِلَى تَرْقَيْعٍ.
بَلْ إِنَّ المُؤْمِنَ مَأْمُوْرٌ فِيْ خِتَامِ حَيَاتِهِ الْدُّنْيَوِيَّةِ بِالْإِكْثَارِ مِنَ الْاسْتِغْفَارِ، كَمَا أُمِرَ بِذَلِكَ الْنَّبِيُّ ^ لَّما اقْتَرَبَ أَجَلُهُ [فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابَاً] {الْنَّصْرُ:3} فَكَانَ ^ عَقِبَ نُزُوْلِ هَذِهِ الْآيَةِ المُخْبِرَةِ بِدُنُوِّ أَجَلِهِ يُكْثِرُ مِنَ الاسْتِغْفَارِ فِيْ رُكُوْعِهِ وَسُجُوْدِهِ وَفِيْ كُلِّ أَحْيَانِهِ؛ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا:«كَانَ الْنَّبِيُّ ^ يُكْثِرُ أَنْ يَقُوْلَ فِيْ رُكُوْعِهِ وَسُجُوْدِهِ سُبْحَانَكَ الْلَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ الْلَّهُمَّ اغْفِرْ لِي»رَوَاهُ الْشَّيْخَانِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:«الْغِيْبَةُ تَخْرِقُ الْصَّوْمَ وَالِاسْتِغْفَارُ يَرْقَعُهُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَجِيْءَ غَدَاً بِصَوْمِهِ مُرَقَّعَاً فَلْيَفْعَلْ».
وَأَمَّا الْخَوْفُ مِنْ رَدِّ الْعَمَلِ وَعَدَمِ قَبُوْلِهِ فَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الله تَعَالَى [وَالَّذِينَ يُؤْتُوْنَ مَا آتَوْا وَقُلُوْبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُوْنَ] {الْمُؤْمِنُوْنَ:60} سَأَلْتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا رَسُوْلَ الله ^ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَتْ:«يَا رَسُوْلَ الله، هُوَ الَّذِيْ يَسْرِقُ وَيَزْنِي وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ وَهُوَ يَخَافُ اللهَ؟ قَالَ: لَا يَا بِنْتَ أَبِىْ بَكْرٍ، وَلَكِنَّهُ الْرَّجُلُ يَصُوْمُ وَيُصَلِّي وَيَتَصَدَّقُ وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ»رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَأَمَّا اسْتِئْنَافُ عَمَلٍ صَالِحٍ جَدِيْدٍ عَقِبَ الْفَرِيْضَةِ فَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُ الله تَعَالَى: [فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ] {الْشَّرْحِ:7-8} فَالْفَرَاغُ إِمَّا أَنْ يَكُوْنَ مِنْ فَرَائِضِ الدِّينِ فَلْيَنْصَبْ فِيْ الْنَّوَافِلِ عَقِبَهَا، وَإِمَّا أَنْ يَكُوْنَ الْفَرَاغُ مِنْ وَاجِبَاتِ الْدُّنْيَا فَلْيَنْصَبْ فِيْ أَعْمَالِ الْآخِرَةِ بِحَيْثُ لَا يَكُوْنُ فِيْ فَرَاغٍ الْبَتَّةَ، بَلْ هُوَ فِيْ عِبَادَةٍ دَائِمَةٍ؛ فَإِنْ كَانَ فِيْ عَمَلِ الْدُّنْيَا فَهُوَ يَعْمَلُ لِيُعِفَّ نَفْسَهُ، وَيُنْفِقَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَيَنْفَعَ بِعَمَلِهِ المُسْلِمِيْنَ، وَهُوَ مَأْجُوْرٌ عَلَى نِيَّتِهِ تِلْكَ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ الْدُّنْيَوِيِّ نَصَبَ فِيْ الْعَمَلِ لَلْآخِرَةِ.
إِنَّهَا قَاعِدَةٌ رَبَّانِيَّةٌ تَرْسُمُ لِلْمُسْلِمِ مَنْهَجَهُ، وَتَدُلُّهُ عَلَى طَرِيْقِهِ، وَتُثْبِتُ أَنَّهُ لَا فَرَاغَ لَدَيْهِ؛ فَحَيْاتُهُ لله تَعَالَىْ، وَمَمَاتُهُ لله تَعَالَىْ، يَعِيْشُ فِيْ سَبِيلِهِ سُبْحَانَهُ، وَيَمُوتُ فِيْ سَبِيلِهِ عَزَّ وَجَلَّ [قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِيْ وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِيْ لله رَبِّ الْعَالَمِيْنَ * لَا شَرِيْكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِيْنَ] {الْأَنْعَامِ:163} .
وَمِنْ رَحْمَةِ الله تَعَالَىْ بِالمُؤْمِنِ أَنَّ أَزْمَانَ الْلَّهْوِ المُبَاحِ كَمَا فِيْ الْأَعْيَادِ، وَأَوْقَاتَ الاسْتِجْمَامِ مَعَ الْأَهْلِ وَالْعِيَالِ هِيَ عِبَادَاتٌ أَذِنَ اللهُ تَعَالَىْ بِهَا، وَمِنْ أَهْدَافِهَا بَيَانُ سَعَةِ الْإِسْلَامِ، وَتَنْشِيْطُ المُؤْمِنِ لِأَدَاءِ عِبَادَاتٍ أُخْرَى؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِنْ أَخَذَ نَفْسَهُ بِالْشِّدَّةِ عَلَى الْدَّوَامِ أَصَابَهُ الْسَّأَمُ وَالِملَالُ؛ وَلِذَا كَانَتِ الْأَعْيَادُ بَعْدَ مَوَاسِمِ الْعِبَادَاتِ مِنَ الْتَّوْسِعَةِ المَشْرُوْعَةِ، وَقَدْ أَقَرَّ الْنَّبِيُّ ^ لَعِبَ الْحَبَشَةِ بِالْحِرَابِ فِيْ يَوْمِ الْعِيْدِ وَقَالَ ^:«لِتَعْلَمَ الْيَهُوْدُ أَنَّ فِيْ دِيْنِنَا فُسْحَةً إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيْفِيَّةٍ سَمْحَةٍ»رَوَاهُ أَحْمَدُ.
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَىْ أَنْ يُبَارِكَ فِيْنَا، وَأَنْ يُبَارِكَ لَنَا، الْلَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيْ أَعْيَادِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَعْمَالِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِيْ أَرْكَانِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِيْ أَعْمَارِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِيْ أَوْقَاتِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِيْ أَرْزَاقِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِيْ ذُرِّيَّاتِنَا، الْلَّهُمَّ اجْعَلْنَا مُبَارَكِينَ أَيْنَمَا كُنَّا، وَاقْبَلْ مِنَّا وَمِنَ المُسْلِمِيْنَ يَا رَبَّ الْعَالَمِيْنَ.
وَأَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ...

الخُطْبَةُ الْثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لله حَمْدَاً طَيِّبَاً كَثِيْرَاً مُبَارَكَاً فِيْهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى كَمَالِ دِيْنِهِ، وَتَمَامِ نِعْمَتِهِ، وَاخْتِيَارِهِ الْإِسْلَامَ لَنَا دِيْنَاً، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ؛ [لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُوْلَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُوْنَ] {الْقَصَصَ:70}، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الْدِّيِنِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيْعُوْهُ [وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ] {آل عمران:131-132}
أَيُّهَا المُسْلِمُوْنَ: كُلُّ يَوْمٍ يَمْضِي عَلَيْنَا فَهُوَ مِنْ أَعْمَارِنَا، يُقَرِّبُ آجَالَنَا، وَتُكْتَبُ فِيْهِ أَعْمَالُنَا، فَوَاجِبٌ عَلَيْنَا أَنْ يَكُوْنَ يَوْمُنَا خَيْرَاً مِنْ أَمْسِنَا، وَأَنْ يَكُوْنَ غَدُنَا خَيرَاً مِنْ يَوْمِنَا قَالَ بَعْضُ الْصَّالِحِيْنَ:«كَانَ الصِّدِّيْقُوْنَ يَسْتَحْيُوْنَ مِنَ الله أَنْ يَكُوْنُوْا الْيَوْمَ عَلَى مِثْلِ حَالِهِمْ بِالْأَمْسِ» قَالَ ابْنُ رَجَبٍ تَعْلِيقَاً عَلَى هَذَا الْقَوْلِ:«يُشِيْرُ إِلَى أَنَّهُمْ كَانُوْا لَا يَرْضَوْنَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَّا بِالْزِّيَادَةِ مِنْ عَمَلِ الْخَيْرِ، وَيَسْتَحْيُوْنَ مِنْ فَقْدِ ذَلِكَ وَيَعُدُّوْنَهُ خُسْرَانَاً»
لَقَدْ أَلِفْنَا فِيْ رَمَضَانَ أَعْمَالَاً صَالِحَةً كَثِيْرَةً كَالتَّبْكِيرِ إِلَى المَسْجِدِ وَطُوْلِ المُكْثِ فِيْهِ، وَالُمَحَافَظَةِ عَلَى الْسُّنَنِ الْرَّوَاتِبِ وَغَيْرِهَا، وَمُلَازَمَةِ الْقُرْآنِ وَالتَّغَنِّي بِهِ، وَكَانَ الْلِّسَانُ رَطْبَاً بِأَنْوَاعِ الْذِّكْرِ وَالاسْتِغْفَارِ، وَكَانَتِ الْيَدُ نَدِيَّةً بِأَنْوَاعِ الْإِحْسَانِ، وَكَانَتِ الْقُلُوْبُ سَلِيْمَةً مِنَ الْحَسَدِ وَالْبَغْضَاءِ وَالْشَّحْنَاءِ، وَكَانَ رَمَضَانُ مَوْضِعَاً لِكَثِيْرٍ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِيْ عَمِلْنَاهُ، فَلْنَبْقَ -عِبَادَ الله- عَلَى مَا كُنَّا فِيْ رَمَضَانَ؛ فَإِنَّ مِنْ شُكْرِ الله تَعَالَى عَلَى هِدَايَتِهِ وَتَوْفِيْقِهِ المُحَافَظَةَ عَلَى عَهْدِهِ وَمِيْثَاقِهِ، وَالْازْدِيادَ مِنْ عُبُوْدِيَّتِهِ وَالْتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ.
وَإِنَّ مِنَ الْإِحْسَانِ بَعْدَ رَمَضَانَ المُبَادَرَةَ بِقَضَاءِ مَا فَاتَ مِنَ الصِّيَامِ لِمَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَاسْتِئْنَافَ صِيَامِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالَ؛ لِتَعْدِلَ مَعَ رَمَضَانَ صِيَامَ الْدَّهْرِ كُلِّهِ؛ لِما جَاءَ فِيْ حَدِيْثِ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُوْلِ الله ^ أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ كَانَ تَمَامَ الْسَّنَةِ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَيَجُوْزُ صِيَامُهَا فِيْ أَوَّلِ الْشَّهْرِ أَوْ وَسْطِهِ أَوْ آخِرِهِ، مُتَتَابِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً، فَكُلُّ ذَلِكَ مَشْرُوْعٌ.
وَإِنَّ مِنْ عَظِيْمِ الْشُّكْرِ اجْتِنَابَ مُنْكَرَاتِ الْعِيْدِ مِنْ أَغَانٍ وَمَسْرَحِيَّاتٍ وَاخْتِلَاطٍ وَتَبَرُّجٍ وَسُفُوْرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنْكَارَهَا حَسَبَ المُسْتَطَاعِ؛ لِئَلَّا يُؤْخَذَ الْعَامَّةُ بِذُنُوبِ الْخَاصَّةِ، [وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيْبَنَّ الَّذِيْنَ ظَلَمُوَا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيْدُ الْعِقَابِ] {الْأَنْفَالِ:25}
وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى نَبِيِّكُمْ..


ماذا نفعل بعد العبادة؟
إبراهيم بن محمد الحقيل
1/10/1431
الحمد لله العليم الحكيم؛ خلق الخلق لعبادته، وأمرهم بطاعته، فمنهم الطائع ومنهم العاصي، ويوم القيامة يجزيهم بأعمالهم [فَرِيقٌ فِي الجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ] {الشُّورى:7} نحمده ونشكره ونتوب إليه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وكبروه على ما هداكم واشكروه على ما أعطاكم [وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] {البقرة:185}.
أيها الناس: إنكم إن قضيتم رمضان تتقلبون في نعيم العبادات، ورياض الطاعات، فاعلموا أن المؤمن مأمور بدوام العبادة إلى حلول الأجل، قال المسيح عليه السلام وهو في المهد مخبراً عن ربه تعالى [وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا] {مريم:31} فأخبر بوصية الله تعالى له بالدوام على الصلاة والزكاة ما دام حياً، ووصايا الله تعالى لأنبيائه عليهم السلام هي وصايا للبشر جميعاً؛ لأن الأنبياء عليهم السلام هم رسل الله تعالى إلى البشر، وخاطب الله تعالى نبيه محمداً ^ بقوله [وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ] {الحجر:99} فلا يحول بين العبد وبين العمل الصالح إلا الموت؛ لأن الدنيا ميدان عمل الآخرة، فاجعلوا أعماركم كرمضان محافظة على الفرائض، وإكثاراً من النوافل، وكونوا ربانيين تعبدون الله تعالى في كل حين، ولا تكونوا موسميين لا تعرفونه إلا في المواسم.
إن رمضان كان موسماً لعبادات متنوعة، وقد مضى بما أودعه العباد فيه من أعمال، وكما أن الله تعالى قد شرع الفرائض ومواسمها فإنه سبحانه قد دل العباد على ما يعملونه عقب انتهائها، ومن ذلك:
إكمال نقصها، وترقيع خروقها، والخوف من ردها، واستئناف عبادات أخرى.
أما إكمال نقصها وترقيع خروقها فيكون بالاستغفار، وهو العمل الذي أمرنا به ربنا سبحانه عقب العبادات كالوضوء والصلاة وغيرها، وأثنى به على المتهجدين إذ كانوا يشتغلون بالاستغفار بعد التهجد [كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ]{الذاريات:17-18} وفي ختام مناسك الحج [ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ] {البقرة:199} وأمر سبحانه وتعالى بالاستغفار مع الأمر بالاستقامة وهي لازمة على الدوام [فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ] {فصِّلت:6}؛ ذلك لأن المستقيم يقع في نقص يحتاج إلى إكمال، كما يقع منه تخريق للعبادة يحتاج إلى ترقيع.
بل إن المؤمن مأمور في ختام حياته الدنيوية بالإكثار من الاستغفار، كما أمر بذلك النبي ^ لما اقترب أجله [فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا] {النَّصر:3} فكان ^ عقب نزول هذه الآية المخبرة بدنو أجله يكثر من الاستغفار في ركوعه وسجوده وفي كل أحيانه؛ كما قالت عَائِشَةَ رضي الله عنها:«كان النبي ^ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ في رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَكَ اللهم رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللهم اغْفِرْ لي»رواه الشيخان.
وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:«الغيبة تخرق الصوم والاستغفار يرقعه، فمن استطاع منكم أن يجيء غداً بصومه مرقعاً فليفعل».
وأما الخوف من رد العمل وعدم قبوله فيدل عليه قول الله تعالى [وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ] {المؤمنون:60} سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله ^ عن هذه الآية فقالت:«يا رَسُولَ الله، هو الذي يَسْرِقُ ويزني وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ وهو يَخَافُ الله؟ قال: لاَ يا بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ ويصلي وَيَتَصَدَّقُ وهو يَخَافُ أَنْ لا يُقْبَلَ منه»رواه أحمد.
وأما استئناف عمل صالح جديد عقب الفريضة فدل عليه قول الله تعالى: [فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ] {الشرح:8} فالفراغ إما أن يكون من فرائض الدين فلينصب في النوافل عقبها، أو يكون الفراغ من واجبات الدنيا بعد إنجازها فينصب في أعمال الآخرة بحيث لا يكون في فراغ البتة، بل هو في عبادة دائمة؛ فإن كان في عمل الدنيا فهو يعمل ليعف نفسه، وينفق على أهل بيته، وينفع بعمله المسلمين، وهو مأجور على نيته تلك، فإذا فرغ من هذا العمل الدنيوي نصب في العمل للآخرة.
إنها قاعدة ربانية ترسم للمسلم منهجه، وتدله على طريقه، وتثبت أنه لا فراغ لديه؛ فحياته لله تعالى، ومماته لله تعالى، يعيش في سبيله سبحانه، ويموت في سبيله عز وجل [قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ] {الأنعام:163} .
ومن رحمة الله تعالى بالمؤمن أن أزمان اللهو المباح كما في الأعياد، وأوقات الاستجمام مع الأهل والعيال هي عبادات أذن الله تعالى بها، ومن أهدافها بيان سعة الإسلام، وتنشيط المؤمن لأداء عبادات أخرى؛ فإن العبد إن أخذ نفسه بالشدة على الدوام أصابه السأم والملال؛ ولذا كانت الأعياد بعد مواسم العبادات من التوسعة المشروعة، وقد أقر النبي ^ لعب الحبشة بالحراب في يوم العيد وقال ^:«لِتَعْلَمَ اليهود أنَّ في دِينِنَا فُسْحَةً إني أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ»رواه أحمد.
نسأل الله تعالى أن يبارك فينا وأن يبارك لنا، اللهم بارك لنا في أعيادنا، وبارك لنا أعمالنا، وبارك لنا في أركاننا، وبارك لنا في أعمارنا، وبارك لنا في أوقاتنا، وبارك لنا في أرزاقنا، وبارك لنا ذرياتنا، اللهم اجعلنا مباركين أينما كنا، واقبل منا ومن المسلمين، يا رب العالمين.
وأقول قولي هذا وأستغفر الله...

الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، نحمده سبحانه على كمال دينه، وتمام نعمته، واختياره الإسلام لنا دينا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ [لَهُ الحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآَخِرَةِ وَلَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ] {القصص:70}، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه [وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ] {آل عمران:131-132}
أيها المسلمون: كل يوم يمضي علينا فهو من أعمارنا، يقرب آجالنا، وتكتب فيه أعمالنا، فواجب علينا أن يكون يومنا خيراً من أمسنا، وأن يكون غدنا خيراً من يومنا
قال بعض الصالحين:«كان الصديقون يستحيون من الله أن يكونوا اليوم على مثل حالهم بالأمس» قال ابن رجب تعليقاً على هذا القول:«يشير إلى أنهم كانوا لا يرضون كل يوم إلا بالزيادة من عمل الخير، ويستحيون من فقد ذلك و يعدونه خسراناً»
لقد ألفنا في رمضان أعمالاً صالحة كثيرة كالتبكير إلى المسجد وطول المكث فيه، والمحافظة على السنن الرواتب وغيرها، وملازمة القرآن والتغني به، وكان اللسان رطباً بأنواع الذكر والاستغفار، وكانت اليد ندية بأنواع الإحسان، وكانت القلوب سليمة من الحسد والبغضاء والشحناء، وكان رمضان موضعاً لكثير من الخير الذي عملناه، فلنبق -عباد الله- على ما كنا في رمضان؛ فإن من شكر الله تعالى على هدايته وتوفيقه المحافظة على عهده وميثاقه، والازدياد من عبوديته والتقرب إليه.
وإن من الإحسان بعد رمضان المبادرة بقضاء ما فات من الصيام لمن كان عليه قضاء، واستئناف صيام الست من شوال؛ لتعدل مع رمضان صيام الدهر كله؛ لما جاء في حديث أَبي أَيُّوبَ الأَنصَاريِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ قال:«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتبَعَهُ سِتاً مِنْ شَوَّالَ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهرِ»رواه مسلم. وعن ثَوْبَانَ رضي الله عنه عن رسول الله ^ أَنَّهُ قال من صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ كان تَمَامَ السَّنَةِ من جاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا رواه ابن ماجه.
فيجوز صِيامها في أَوَّلِ الشَّهرِ أَو وَسْطِهِ أو آخِرِهِ، مُتَتَابِعَةً أو مُتَفَرِّقَةً، فكُلُّ ذلك مَشرُوعٌ، وأيًّا ما فَعَلَهُ المُكَلَّفُ فَجَائِزٌ، ويَستَحِقُّ الأَجْرَ المُرَتَّبَ عَلَيْهِ إِنْ قَبِلَ اللهُ تَعَالَى مِنه.
وإن من عظيم الشكر اجتناب منكرات العيد من أغان ومسرحيات وأفلام واختلاط وتبرج وسفور وغير ذلك، وإنكارها حسب المستطاع؛ لئلا يؤخذ العامة بذنب الخاصة، [وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ] {الأنفال:25}
وصلوا وسلموا على نبيكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مَاذَا نَفْعَلُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الساحة الإسلامية :: الأقسام الشرعية :: ••زاد الخطيب ..«-
انتقل الى: