الساحة الإسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
هدي الجنة
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_rcapالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_voting_barالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_lcap 
دمــ ع ــــة خ ـــشيـــة
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_rcapالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_voting_barالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_lcap 
المتشوقة للجنة
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_rcapالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_voting_barالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_lcap 
عطر الشهادة
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_rcapالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_voting_barالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_lcap 
pipawn et islam
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_rcapالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_voting_barالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_lcap 
راجية عفو الله
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_rcapالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_voting_barالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_lcap 
إيمــــان قلب
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_rcapالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_voting_barالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_lcap 
طالبة السلام
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_rcapالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_voting_barالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_lcap 
قمر الدجى
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_rcapالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_voting_barالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_lcap 
ريحانة القرآن
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_rcapالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_voting_barالْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_vote_lcap 
المواضيع الأخيرة
» : اجمل التوقيعات الاسلامية اختر منها ما شئت .......
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 3:22 pm من طرف طالبة السلام

» أعظم إنسان في الكتب السماوية
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 3:15 pm من طرف طالبة السلام

» حكمة بليغة...
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 3:04 pm من طرف طالبة السلام

» آداب الصداقة و الصحبة
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:42 pm من طرف طالبة السلام

» حوار مع ظلي
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:36 pm من طرف طالبة السلام

» ما هو سر رائحة المطر ... !!
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:25 pm من طرف طالبة السلام

» عبارات حلوه ومعاني اجمل!!!!!!
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:03 pm من طرف طالبة السلام

» الحيوان الذي لا يشرب الماء أبدا
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_icon_minitimeالأحد أبريل 17, 2011 4:56 am من طرف هدي الجنة

» صلاة القضاء
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2011 5:26 am من طرف هدي الجنة

» صلاة المسافر
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2011 5:23 am من طرف هدي الجنة

» ** المتحابون في الله يحبهم الله **
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 29, 2011 1:35 pm من طرف هدي الجنة

» هنيئا لكم يا شباب مصر العظيمة
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 29, 2011 1:17 pm من طرف هدي الجنة

» viva tunisie
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 29, 2011 12:59 pm من طرف هدي الجنة

» صلة الرحم..
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_icon_minitimeالأربعاء مارس 16, 2011 4:31 am من طرف MooN TearS

» شرح لإرفاق الصور للمواضيع
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_icon_minitimeالخميس فبراير 17, 2011 11:24 am من طرف هدي الجنة


 

 الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
إيمــــان قلب
داعية جديد
داعية جديد



الجنس الجنس : انثى
العمر العمر : 29
عدد المساهمات عدد المساهمات : 60

الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  Empty
مُساهمةموضوع: الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ    الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ  I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 28, 2010 3:46 am

الْحَمْدُ لله الْغَفُوْرِ الْشَّكُوْرِ، الْعَفُوِ الْصَبُوْرِ؛ مَا أَحَدٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذِىً سَمِعَهُ مِنْهُ، يَدَّعُوْنَ لَهُ الْوَلَدَ ثُمَّ يُعَافِيَهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ، نَحْمَدُهُ عَلَى عَطَائِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى نَعْمَائِهْ، وَنَسْأَلُهُ الْصَّبْرَ فِي بَلَائِهِ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يَمْنَحُ المَعُونَةَ عَلَى قَدْرِ المَئُونَةِ، وَيُنْزِلُ الْصَّبُرَ عَلَى قَدْرِ الْبَلَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ [بِيَدِهِ مَلَكُوْتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُوْنَ] {يَسْ:83} وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ؛ خَطَبَ ^ الْنَّاسَ فَقَالَ:« إِنَّ اللهَ خَيَّرَ عَبْدَاً بَيْنَ الْدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَا عِنْدَ الله فَبَكَى أَبُوْ بَكْرٍ، قَالَ أَبُوْ سَعِيْدٍ: فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ أَنْ يُخْبِرَ رَسُوْلُ الله ^ عَنْ عَبْدٍ خُيِّرَ فَكَانَ رَسُوْلُ الله ^ هُوَ المُخَيَّرَ وَكَانَ أَبُوْ بَكْرٍ أَعْلَمَنَا» صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الْدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوْصِي نَفْسِي وَإِيَّاكُمْ - عِبَادَ الله- بِتَقْوَى الله تَعَالَىْ؛ فَإِنَّ الْتَّقْوَى مَعَ الْصَّبْرِ مِنْ صِفَاتِ ذَوِيْ الْعَزْمِ [وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوْا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُوْرِ] {آَلِ عِمْرَانَ:186} وَقَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ فِيْ مَوْعِظَتِهِ لَهُ [وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُوْرِ] {لُقْمَانَ:17}.
أَيُّهَا الْنَّاسُ: الْصَّبْرُ مِنْ أَعْلَى مَقَامَاتِ الْيَقِيْنِ، وَبِهِ مَعَ الْتَّقْوَى تُنْالُ الْإِمَامَةُ فِي الْدِّيْنِ، وَقَدْ جُمَّلَ اللهُ تَعَالَى بِهِ المُرْسَلِيْنَ، وَأَمَرَ بِهِ خَاتَمَ الْنَّبِيِّيْنَ [وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِالله] {الْنَّحْلِ:127} [فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوْ الْعَزْمِ مِنَ الْرُّسُلِ] {الْأَحْقَافِ:35} [وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا] {الْطُّورِ:48} وَأَوَّلُ سُوْرَةٍ نَزَلَتْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْصَّبْرِ حَاضِرَاً فِيْهَا [وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ] {الْمُدَّثِّرُ:7} وَآَيَاتٌ سِوَاهَا كَثِيْرَةٌ فِيْ كِتَابِ الله تَعَالَى.
وَالْأَخْذُ بِعَزَائِمِ الْشَرِيعَةِ أَمْرَاً وَنَهْيَاً لَا يُطِيْقُهُ إِلَّا الصَّابِرُوْنَ، وَمُوَاجَهَةُ شَرِّ الْأَقْدَارِ بِالتَّسْلِيْمِ وَالْرِّضَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا أَهْلُ الْصَّبْرِ، وَكَدَرُ الْدُّنْيَا وَكُرَبُهَا وَهُمُوْمُهَا تَحْتَاجُ إِلَى صَبْرٍ؛ وَلِذَا أُمِرَ المُؤْمِنُوْنَ أَنْ يَسْتَعِيْنُوْا بِالْصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِيَنَالُوْا مُعَيَّةَ الله تَعَالَىْ وَعَوْنَهُ وَمَدَدَهُ [يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آَمَنُوْا اسْتَعِيْنُوْا بِالْصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِيْنَ] {الْبَقَرَةِ:153} وَأَنْ يَتَوَاصَوْا بِهِ فِيْمَا بَيْنَهُمْ [وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالْصَّبْرِ] {الْعَصْرِ:3}..
وَأَمَّا الْجَزَاءُ فَعَظِيمٌ جَدَّاً [أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا] {الْفُرْقَانَ:75} [وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِيْنَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوْا يَعْمَلُوْنَ] {الْنَّحْلِ:96} [إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوَا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُوْنَ] {الْمُؤْمِنُوْنَ:111} [وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيْرَاً] {الْإِنْسَانَ:12} وَيَكْفِي فِيْ جَزَائِهِم أَنَّهُ بِلَا حِسَابٍ [إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُوْنَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ] {الْزُّمَرْ:10}.
وَقَصَّ اللهُ تَعَالَى أَخَبَارَ صَبْرِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الْسَّلامُ لِلْتَّأَسِّي بِهِمْ فِيْ ذَلِكَ؛ فَفِي صَبْرِ أَيُّوْبَ عَلَى مَرَضِهِ الْشَّدِيْدِ الْطَّوِيْلِ قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيْهِ [إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرَاً] {صَ:44} وَفِيْ صَبْرِ إِسْمَاعِيْلَ وَهُوَ يُقَدَّمُ لِلْذَّبْحِ [قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِيْنَ] {الْصَّفَاتِ:102} وَفِيْ صَبْرِ يَعْقُوْبَ عَلَى فَقْدِ وَلَدِهِ [قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرَاً فَصَبْرٌ جَمِيْلٌ] {يُوَسُفَ:18} وَفِيْ صَبْرِ يُوَسُفَ عَلَى مَا نَالَهُ مِنَ الْبَلَاءِ الْعَظِيمِ [قَالَ أَنَا يُوْسُفُ وَهَذَا أَخِيْ قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لَا يُضِيْعُ أَجْرَ المُحْسِنِيْنَ] {يُوَسُفَ:90} وَقَصَّ اللهُ تَعَالَى ذَلِكَ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ^ لِيَثْبُتَ وَيَصْبِرَ [وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوْذُوْا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا] {الْأَنْعَامِ:34} [وَكُلَّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ] {هُوْدٍ:120} فَحَقَقَ ^ أَعْلَى دَرَجَاتِ الْصَّبْرِ، وَتَحَمَّلَ فِيْ سَبِيلِ الله تَعَالَىْ أَنْوَاعَ الْأَذَى، وَكُلُّ مَا قَصَّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْنَا مِنْ أَنْوَاعِ الِابْتِلاءَاتِ الَّتِيْ ابْتُلِيَتْ بِهَا الْرُّسُلُ فَإِنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً ^ قَدْ ابْتُلِيَ بِجَمِيْعِهَا وَبِمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهَا ؛ فَصَبَرَ صَبْرَاً جَمِيْلَاً لَا جَزَعَ فِيْهِ وَلَا سَخَطَ وَلَا شِكَايَةَ.
لَقَدْ صَبَرَ ^ عَلَى أَذَى المُشْرِكِيْنَ فِيْ مَكَّةَ، وَعَلَى أَذَى الْيَهُوْدِ وَالمُنَافِقِيْنَ فِيْ المَدِيْنَةِ، وَكُلُّ هَذِهِ الْطَّوَائِفِ الثَّلَاثِ حَاوَلُوا قَتَلَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَصَبَرَ ^ عَلَى الِابْتِلاءَاتِ العَظِيمَةِ الَّتِيْ ابْتُلِيَ بِهَا فِيْ نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَقَرَابَتِهِ، وَصَبَرَ عَلَى شِدَّةِ الْفَاقَةِ، وَإِلْحَاحِ الْحَاجَةِ، وَكَانَ ابْتِلاؤُهُ مُنْذُ نَشْأَتِهِ ^.
لَقَدْ لَازَمَتْهُ الِابْتِلاءَاتُ مُنْذُ صِغَرِهِ فَوُلِدَ يَتِيْمَاً، وَنَشَأَ فَقِيْرَاً، وَفُجِعَ بِوَالِدَتِهِ طِفْلَاً لَمْ يَتَجَاوَزْ سِتَّ سَنَوَاتٍ، فَلَمْ يَنْسَهَا قَطُّ، وَالْطِّفْلُ لَا يَنْسَى فَقْدَ أُمِّهِ، عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «زَارَ الْنَّبِيُّ ^ قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ. ثُمَّ فُجِعَ بِجَدِّهِ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِي سَنَوَاتٍ، فَأَعَالَهُ عَمُّهُ الْفَقِيْرُ أَبُوْ طَالِبٍ فَضَمَّهُ إِلَى بَنِيْهِ، فَأَعَانَهُ الْنَّبِيُّ ^ وَهُوَ طِفْلٌ بِرَعْيِّ غَنَمِ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى قَرَارِيْطَ.. هَذَا الْيَتِيْمُ الْفَقِيْرُ أَرَادَ اللهُ تَعَالَىْ أَنْ يَكُوْنَ خَاتَمَ المُرْسَلِيْنَ، وَخَيَّرَهُ بِأَنْ يَكُوْنَ مَلِكَاً رَسُوْلَاً أَوْ عَبْدَاً رَسُوْلَاً فَاخْتَارَ الْثَّانِي..
وَلمَّا بُعِثَ بِالرِّسَالَةِ وَآَذَاهُ المُكَذِّبُوْنَ فُجِعَ بِمَوْتِ المُدَافِعِ عَنْهُ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَبِمَوْتِ المُوَاسِيَةِ لَهُ زَوْجِهِ خَدِيْجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فِيْ عَامٍ وَاحِدٍ سُمِّيَ عَامَ الْحُزْنِ.
لَقَدْ فُجِعَ ^ فِيْ قَرَابَتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ كَأَشَدِّ مَا يُفْجَعُ أَحَدٌ فِيْ أَهْلِهِ فَتَتَابَعَ مَوْتُهُمْ عَلَيْهِ مُنْذُ صِغَرِهِ ^، وَرُزِقَ سَبْعَةً مِنَ الْوَلَدِ: الْقَاسِمُ وَعَبْدُ الله وَإِبْرَاهِيْمُ وَرُقِيَّةُ وَأَمُّ كُلْثُوْمٍ وَزَيْنَبُ وَفَاطِمَةُ، مَاتُوْا كُلُّهُمْ تِبَاعَاً أَمَامَهُ إِلَّا فَاطِمَةَ فَمَاتَتْ بَعْدَهُ، وَدَخَلَ ^ عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيْمَ وَهُوَ فِيْ الْنَّزْعِ فَأَخَذَهُ«فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ... وَإِبْرَاهِيْمُ يَجُوْدُ بِنَفْسِهِ فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُوْلِ الله ^ تَذْرِفَانِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَأَنْتَ يَا رَسُوْلَ الله، فَقَالَ: يَا ابْنَ عَوْفٍ، إِنَّهَا رَحْمَةٌ ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى فَقَالَ ^: إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يُرْضِي رَبَّنَا وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيْمُ لَمَحْزُوْنُوْنَ»رَوَاهُ الْشَّيْخَانِ.
وَصَبَرَ ^ عَلَى قِلَّةِ ذَاتِ الْيَدِ، وَعَانَى شَظَفَ الْعَيْشِ، وَوَجَدَ أَلَمَ الْحِرْمَانِ، وَأَحَسَّ بِقَرْصِ الْجُوْعِ، أَخْبَرَ عَنْهُ بِذَلِكَ أَلْصَقُ الْنَّاسِ بِهِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا:«إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِيْ شَهْرَيْنِ وَمَا أُوْقِدَتْ فِيْ أَبْيَاتِ رَسُوْلِ اللهُ ^ نَارٌ» وقالت:«ما أَكَلَ آلُ مُحَمَّدٍ ^ أَكْلَتَيْنِ في يَوْمٍ إِلَّا إِحْدَاهُمَا تَمْرٌ» رَوَاهُما الْبُخَارِيُّ. وَقَالَتْ:«مَا شَبِعَ آَلُ مُحَمَّدٍ ^ مُنْذُ قَدِمَ المَدِيْنَةَ مِنْ طَعَامِ بُرٍّ ثَلَاثَ لَيَالٍ تِبَاعَاً حَتَّى قُبِضَ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ:«وَمَا شَبِعَ مِنْ خُبْزٍ وَزَيْتٍ فِيْ يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ خَادِمُهُ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:«مَا أَعْلَمُ الْنَّبِيَّ ^ رَأَى رَغِيفَاً مُرَقَّقَاً حَتَّى لَحِقَ بِالله وَلَا رَأَى شَاةً سَمِيطَاً بِعَيْنِهِ قَطُّ، أَيْ: شَاةً مَشْوِيَّةً »رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ الْنَّبِيَّ ^«كَانَ يَبِيْتُ الْلَّيَالِيَّ المُتَتَابِعَةَ طَاوِيَاً وَأَهْلُهُ لَا يَجِدُوْنَ عَشَاءً، قَالَ: وَكَانَ عَامَّةُ خُبْزِهِمْ خُبْزَ الْشَّعِيْرِ»رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ الْنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا:«لَقَدْ رَأَيْتُ نَبِيَّكُمْ ^ وَمَا يَجِدُ مِنَ الْدَّقَلِ مَا يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ:«لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهُ ^ يَظَلُّ الْيَوْمَ يَلْتَوِى مَا يَجِدُ دَقَلَاً يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ».
مَعَ أَنَّهُ ^ كَانَ يُحِبُّ الْطَّعَامَ الْطَّيِّبَ، وَالْشَّرَابَ الْطَّيِّبَ، لَكِنَّهُ لَا يَجِدُهُ مِنْ قِلَّةِ ذَاتِ الْيَدِ؛ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ ^ كَانَ يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ،وَيُحِبُّ الْذِّرَاعَ مِنَ الْلَّحْمِ، وَيَتَتَبَّعُ الْدُّبَّاءَ، وَهِيَ التِي تُسَمَّى الْيَقْطِينَ أَوِ الْقَرَعَ.
وَذَاتَ مَرَّةٍ أَتَتْهُ ابْنَتُهُ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا بِكِسْرَةٍ فَقَالَ:«مَا هَذِهِ؟ قَالَتْ: قُرْصٌ خَبَزْتُهُ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى آَتِيكَ بِهَذِهِ الْكِسْرَةِ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ أَوَّلُ طَعَامٍ دَخَلَ فَمَ أَبِيْكِ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ»رَوَاهُ الْطَّبَرَانِيُّ.
وَكَانَ مَرَضُهُ أَشَدَّ مِنْ مَرَضِ غَيْرِهِ، وَحُمَّاهُ أَحَرَّ مِنْ حُمَّى سِوَاهُ، وَصُدَاعُهُ لَيْسَ كَصُدَاعِ الْنَّاسِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «دَخَلْتُ عَلَى رَسُوْلِ الله ^ وَهُوَ يُوَعَكُ وَعْكَاً شَدِيْدَاً فَمَسِسْتُهُ بِيَدِيْ فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ الله، إِنَّكَ لَتُوْعَكُ وَعْكَاً شَدِيْدَاً فَقَالَ: أَجَلْ إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ، فَقُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَسَمَّتْهُ الْيَهُوْدُ فِيْ خَيْبَرَ،وَسَرَى الْسُّمُّ فِيْ جَسَدِهِ الْشَّرِيفِ فَعَانَى مِنْهُ صُدَاعَاً شَدِيْدَاً، وَأَلمَاً فَضِيْعَاً وَهُوَ صَابِرٌ عَلَى ذَلِكَ لَا يَزِيْدُ إِذَا اشْتَدَّ بِهِ الْأَلَمُ عَلَى قَوْلِهِ:وَارَأْسَاهُ. وَمَكَثَ وَجَعُهُ أَرْبَعَ سَنَوَاتٍ حَتَّى قَطَعَ عِرْقَ قَلْبِهِ فَمَاتَ ^؛ كَمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:«كَانَ الْنَّبِيُّ ^ يَقُوْلُ فِيْ مَرَضِهِ الَّذِيْ مَاتَ فِيْهِ: يَا عَائِشَةُ مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الْطَّعَامِ الَّذِيْ أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ الْسُّمِّ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
فَعَمِلَ ^ بِأَمْرِ الله تَعَالَىْ لَهُ، وَصَبَرَ كَصَبْرِ أُوْلِي الْعَزْمِ مِنَ الْرُّسُلِ حَتَّى لَقِيَ اللهَ تَعَالَى وَهُوَ صَابِرٌ عَلَى أَذَى الْنَّاسِ لَهُ، رَاضٍ بِمَا قَضَاهُ اللهُ تَعَالَى وَقَدَّرَهُ عَلَيْهِ، فَصَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ صَلَاةً وَسَلَامَاً تَامَّيْنِ دَائِمَيْنِ مَا تَعَاقَبَ الْلَّيْلُ وَالْنَّهَارُ..





الْخُطْبَةُ الْثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لله حَمْدَاً طَيِّبَاً كَثِيْرَاً مُبَارَكَاً فِيْهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ وَأَوْلَى ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا هَدَى وَأَسْدَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الْدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيْعُوْهُ [وَأَطِيْعُوْا اللهَ وَرَسُوْلَهُ وَلَا تَنَازَعُوَا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيْحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِيْنَ] {الْأَنْفَالِ:46}.
أَيُّهَا المُسْلِمُوْنَ: رَغْمَ مَا يَعِيْشُهُ كَثِيْرٌ مِنَ الْنَّاسِ مِنْ رَغَدِ الْعَيْشِ، وَتَتَابُعِ الْنِّعَمِ عَلَيْهِمْ، وَمَا رُزِقُوْا مِنْ وَسَائِلِ الْرَّاحَةِ وَالْرَّفَاهِيَةِ، إِلَّا أَنَّ الْقُلُوْبَ قَلِقَةٌ، وَالْنُّفُوْسَ ضَيِّقَةٌ، وَالْبَرَكَةَ تَكَادُ تَكُوْنُ مَنْزُوْعَةً مِنْ أَوقَاتِ الْنَّاسِ وَأَعْمَالِهِم وَأَعْمَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَيُزْعِجُهُمْ وَاقِعُهُمْ بِتَفْصِيلَاتِهِ وَتَعْقِيْدَاتِهِ، وَيَخَافُوْنَ المُسْتَقْبَلَ المَجْهُوْلَ، وَلَا يَدْرُوْنَ مَا خُبِّئَ لَهُمْ مِنْ الْأَقْدَرِ..
كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ سَبَبَاً فِيْ أَمْرَاضِ الْقَلَقِ وَالْاكْتِئَابِ الَّتِيْ قَدْ تُودِي بِأَصْحَابِهَا إِلَى الْهَلَاكِ أَوِ الْجُنُوْنِ.. وَلَا وِقَايَةَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَّا بِالْصَّبْرِ الَّذِيْ أَرْشَدَ اللهُ تَعَالَىْ إِلَيْهِ، وَالْصَّبْرُ يُكْتَسَبُ كَمَا تُكْتَسَبُ سَائِرُ الْأَخْلَاقِ، فَمَنْ أَرَادَ الْنَّجَاةَ فلْيَتَرَوَّضْ عَلَى الْصَّبْرِ، وَقَدْ قَالَ الْنَّبِيُّ ^:«وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
إِنَّ مَنْ عَاشَ الْيُتْمَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَذَكَّرَ يُتْمَ الْنَّبِيِّ ^ وَصَبْرَهُ، وَمَنْ تَأَلَّمَ لِفِرَاقِ أَحِبَّتِهِ وَقَرَابَتِهِ فَلْيَتَذَكَّرْ فِرَاقَ أَحِبَّةِ الْنَّبِيِّ ^ لَهُ، وَصَبْرَهُ عَلَى ذَلِكَ؛ فَلَقَدْ فَارَقَهُ ^ أُمُّهُ وَجَدُّهُ وَعَمُّهُ وَزَوْجُهُ وَبَنُوهُ الثَلَاثَةُ وَثُلَاثٌ مِنْ بَنَاتِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ إِلَّا وَاحِدَةٌ..
وَمَنْ عَالْجَ مَرَضَاً مُزْمِنَاً فَلْيَتَذَكَّرْ مَرَضَ الْنَّبِيِّ ^ وَالْسُّمَّ الَّذِيْ كَانَ يَسْرِيْ فِيْ جَسَدِهِ حَتَّى قَتَلَهُ.
وَمَنْ عَانَى قِلَّةَ ذَاتِ الْيَدِ، وَاهْتَمَّ لَدُّيُوْنٍ رَكِبَتْهُ؛ فَلْيَتَذَكَّرْ جُوْعَ الْنَّبِيِّ ^ حِيْنَ كَانَتْ تَمُرُّ عَلَيْهِ ثَلَاثُ لَيَالٍ طَاوِيَاً، وَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ ^ مَاتَ وَدِرْعُهُ مَرْهُوْنَةٌ فَيْ شَيْءٍ مِنْ شَعِيْرٍ..
وَمَنْ أُوْذِيَ فِيْ الله تَعَالَىْ لِدَعْوَتِهِ، وَصَدْعِهِ بِالْحَقِّ، وَأَمْرِهِ بِالمَعْرُوْفِ وَنَهْيِّهِ عَنِ المُنْكَرِ فَلْيَتَذَكَّرْ أَنْ الْنَّبِيَّ ^ قَدْ أُوْذِيَ بِمَا هُوَ أَشَدُّ وَأَكْثَرُ، فَقَابَلَ الْأَذَى بِالْحِلْمِ وَالْصَّفْحِ وَالْصَّبْرِ؛ حَتَّى أَظْهَرَ اللهُ تَعَالَى دِيْنَهُ، وَأَعْلَى شَأْنَهُ، وَرَفَعَ ذِكْرَهُ، وَدَحَرَ أَعْدَاءَهُ، وَمَا نَالَ ^ ذَلِكَ إِلَّا بِالْصَّبْرِ وَالْتَّقْوَى.
إِنَّ مُقَوِّمَاتِ الْعَيْشِ الْكَرِيْمِ ثَلَاثٌ جَمَعَهَا الْنَّبِيُّ ^ بِقَوْلِهِ:«مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنَاً فِيْ سِرْبِهِ مُعَافىً فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوْتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيْزَتْ لَهُ الْدُّنْيَا»رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيْبٌ.
وَكُلُّ هَذِهِ الثَّلَاثِ افْتَقَدَهَا الْنَّبِيُّ ^ فِيْ كَثِيْرٍ مِنْ فَتَرَاتِ حَيَاتِهِ؛ فَكَانَ لَا يَأْمَنُ غَدْرَ المُشْرِكِيْنَ وَالْيَهُوْدِ وَالمُنَافِقِيْنَ، وَكَانَتِ الْأَمْرِاضُ تُصِيْبُهُ حَتَّى فَتَكَ بِهِ الْسُمُّ، وَكَانَ يَجُوْعُ كَثِيْرَاً مِنْ قِلَّةِ ذَاتِ الْيَدِ، وَلَا يَأْتِيْهِ مَالٌ إِلَّا أَنْفَقَهُ وَلَمْ يَدَّخِرْ لِنَفْسِهِ مِنْهُ شَيْئَاً، فَمَنْ تَذَكَّرَ اجْتِمَاعَ ذَلِكَ عَلَى رَسُوْلِ الْهُدَى ^، وَهُوَ خَيرُ خَلْقِ الله تَعَالَى أَجْمَعِيْنَ هَانَتْ مَصَائِبُهُ وَلَوْ كَانَتْ عَظِيْمَةً، وَتَأَسَّى بِهِ فِيْ الْصَّبْرِ وَالْرِّضَا.. وَالِابْتِلَاءُ لَا بُدَّ مِنْهُ للتَمَّحِيصِ وَالْتَّطْهِيْرِ، وَلَا يَنْجُو فِيْ أَمْوَاجِ الِابْتِلَاءِ، وَمَحارِقِ الْفِتَنِ إِلَّا مَنْ تَسَلَّحَ بِالْتَّقْوَى وَاسْتَعَانَ بِالْصَّبْرِ وَالْصَّلَاةِ [أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِيْنَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِيْنَ] {آَلِ عِمْرَانَ:142}..
وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الْخِلَالُ الْنَّبَوِيَّةُ (10) صَبْرُ الْنَّبِيِّ ^ عَلَى الْأَقْدَارِ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الْدَّوْلَةُ الْصَّفَوِيَّةُ (7) الْطَّعْنُ فِيْ عِرْضِ الْنَّبِيِّ ^
» مِنْ حُقُوْقِ الْأَخَوَاتِ عَلَى إِخْوَانِهِنَّ
» حُقُوقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمَّتِهِ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الساحة الإسلامية :: الأقسام الشرعية :: ••زاد الخطيب ..«-
انتقل الى: