الساحة الإسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
هدي الجنة
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_rcapبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_voting_barبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_lcap 
دمــ ع ــــة خ ـــشيـــة
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_rcapبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_voting_barبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_lcap 
المتشوقة للجنة
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_rcapبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_voting_barبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_lcap 
عطر الشهادة
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_rcapبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_voting_barبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_lcap 
pipawn et islam
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_rcapبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_voting_barبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_lcap 
راجية عفو الله
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_rcapبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_voting_barبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_lcap 
إيمــــان قلب
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_rcapبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_voting_barبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_lcap 
طالبة السلام
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_rcapبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_voting_barبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_lcap 
قمر الدجى
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_rcapبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_voting_barبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_lcap 
ريحانة القرآن
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_rcapبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_voting_barبَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_vote_lcap 
المواضيع الأخيرة
» : اجمل التوقيعات الاسلامية اختر منها ما شئت .......
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 3:22 pm من طرف طالبة السلام

» أعظم إنسان في الكتب السماوية
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 3:15 pm من طرف طالبة السلام

» حكمة بليغة...
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 3:04 pm من طرف طالبة السلام

» آداب الصداقة و الصحبة
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:42 pm من طرف طالبة السلام

» حوار مع ظلي
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:36 pm من طرف طالبة السلام

» ما هو سر رائحة المطر ... !!
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:25 pm من طرف طالبة السلام

» عبارات حلوه ومعاني اجمل!!!!!!
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 03, 2011 2:03 pm من طرف طالبة السلام

» الحيوان الذي لا يشرب الماء أبدا
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_icon_minitimeالأحد أبريل 17, 2011 4:56 am من طرف هدي الجنة

» صلاة القضاء
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2011 5:26 am من طرف هدي الجنة

» صلاة المسافر
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2011 5:23 am من طرف هدي الجنة

» ** المتحابون في الله يحبهم الله **
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 29, 2011 1:35 pm من طرف هدي الجنة

» هنيئا لكم يا شباب مصر العظيمة
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 29, 2011 1:17 pm من طرف هدي الجنة

» viva tunisie
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 29, 2011 12:59 pm من طرف هدي الجنة

» صلة الرحم..
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_icon_minitimeالأربعاء مارس 16, 2011 4:31 am من طرف MooN TearS

» شرح لإرفاق الصور للمواضيع
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_icon_minitimeالخميس فبراير 17, 2011 11:24 am من طرف هدي الجنة


 

 بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
إيمــــان قلب
داعية جديد
داعية جديد



الجنس الجنس : انثى
العمر العمر : 29
عدد المساهمات عدد المساهمات : 60

بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا Empty
مُساهمةموضوع: بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا   بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 28, 2010 3:23 am

الْحَمْدُ لله الْرَّحِيْمِ الْغَفُوْرِ الْحَلِيْمِ الْشَّكُوْرِ؛ يَغْفِرُ لِلْعِبَادِ ذُنُوْبَهَمْ، وَيَحْلُمُ عَلَيْهِمْ فَيُمْسِكُ الْعَذَابَ عَنْهُمْ، وَيَرْضَى مِنْهُمْ الْعَمَلَ الْصَّالِحَ فَيَشكُرُهُمْ، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ الْعَظِيمَةِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى آَلَائِهِ الْجَسْيمَةِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ؛ شَرَعَ الْمَنَاسِكَ لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ وَمَنَافِعِهِمْ [وَأَذِّنْ فِي الْنَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوْكَ رِجَالَاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيْقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ] {الْحَجِّ:26-27} وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، عَلَّمَ أُمَّتَهُ المنَاسِكَ وَوَدَّعَهُمْ فِيْ حَجَّتِهِ الْعَظِيْمَةِ فَقَالَ ^:«لِتَأْخُذُوْا مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لَا أَدْرِيْ لَعَلِي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ؛ كَانُوْا أَحْرَصَ الْنَّاسِ عَلَى اتِّبَاعِ الْسُّنَّةِ، وَأَبْعَدَهُمْ عَنِ الْبِدْعَةِ، اخْتَارَهُمْ اللهُ تَعَالَى لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ، وَتَبْلِيْغِ دِيْنِهِ، وَعَلَى الْتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الْدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيْعُوْهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْتَّقْوَى مَقْصِدٌ مِنْ مَقَاصِدِ الْحَجِّ مَنْصُوْصٌ عَلَيْهِ فِيْ الْكِتَابِ الْعَزِيْزِ [الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوْمَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيْهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوْقَ وَلَا جِدَالَ فِيْ الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوْا فَإِنَّ خَيْرَ الْزَّادِ الْتَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِيْ الْأَلْبَابِ] {الْبَقَرَةِ:197}.
أَيُّهَا الْنَّاسُ: مَنْ تَأَمَّلَ الْحَجَّ وَمَشَاعِرَهُ التِي جَعَلَهَا اللهُ تَعَالَى مَحَلَّاً لِمَنَاسِكِهِ وَتَعْظِيْمِ شَعَائِرِهِ بَانَ لَهُ أَنَّ رِحْلَةَ الْحَجِّ رِحْلَةٌ مُصَغَّرَةٌ لْحَيَاةِ الْإِنْسَانِ فِي الْدُّنْيَا، وَأَنَّ الْإِنْسَانَ فِيْ الْحَيَاةِ الْدُّنْيَا يَسِيْرُ كَمَا يَسِيْرُ الْحَاجُّ مِنْذُ أَنْ يَتَلَبَّسَ بْنُسِكِه إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ مِنْهُ.
وَقَدْ حَذَّرَ اللهُ تَعَالَى بَنِي آَدَمَ مِنَ الْدُّنْيَا، وَبَيَّنَ أَنَّهَا مَتَاعُ الْغُرُوْرِ [وَمَا الْحَيَاةُ الْدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُوْرِ] {آَلِ عِمْرَانَ:185} وَهُوَ مَتَاعٌ قَلِيْلٌ زَائِلٌ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى [أَرَضِيْتُمْ بِالْحَيَاةِ الْدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الْدُّنْيَا فِيْ الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيْلٌ] {الْتَّوْبَةَ:38} وَقَالَ سُبْحَانَهُ فِيْ الْكَافِرِيْنَ [مَتَاعٌ قَلِيْلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ] {آَلِ عِمْرَانَ:197} فَكَذَلِكَ الْحَجُّ يَكُوْنُ فِيْ أَيَّامٍ مَعْدُوْدَةٍ ثُمَّ تَنْتَهِي [وَاذْكُرُوْا اللهَ فِيْ أَيَّامٍ مَّعْدُوْدَاتٍ] {الْبَقَرَةِ:203} لَكِنَّ كَثِيْرَاً مِنَ الْنَّاسِ يَنْسَوْنَ وَيَغْفُلُونَ وَلَا يَشْعُرُوْنَ بِسُرْعَةِ انْتِهَاءِ الْدُّنْيَا فَأَمَلُهُمْ فِيْهَا طَوِيْلٌ..
إِنَّ رِحْلَةَ الْحَجِّ تُذَكِّرُ مَنْ تَيَسَّرَتْ لَهُ سَيْرَهُ إِلَى الله تَعَالَىْ، وَإِنَّ مَشْهَدَ الْحَجِيْجِ وَهُمْ مُحْرِمُوْنَ بِالنُّسُكِ وَيَنْتَقِلُوْنَ فِيْ مِنَاسِكِهِمْ مِنْ مَشْعَرٍ إِلَى آَخِرَ إِلَى انْتِهَائِهِمْ مِنْ مَنَاسِكِهِمْ لِيُذكِّرُ مَنْ يَرَاهُمْ بِسَيرِ الْلَّيَالِي وَالْأَيَّامِ بِالْنَّاسِ إِلَى قُبُوْرِهِمْ.
إِنَّ لِلْدُّنْيَا بِدَايَةً وَلَهَا نِهَايَةً، وَبِدَايَتُهَا مِنْذُ وِلَادَةِ الْإِنْسَانِ، وَتَنْتَهِي بِمَوْتِهِ لِيَنْتَقِلَ إِلَى دَارٍ أُخْرَى، وَالْحَاجُّ حِيْنَ يَنْتَقِلُ مِنْ بَلَدِهِ إِلَى الْحَجِّ فَهُوَ يَخْلَعُ مُلَابِسَهُ لِيَعِيْشَ حَيَاةً جَدِيْدَةً بِالنُّسُكِ لَهَا خَصَائِصُهَا وَلِبَاسُهَا وَأَعْمَالُهَا..
وَالْإِنْسَانُ فِيْ الْدُّنْيَا عَبْدٌ لله تَعَالَىْ شَاءَ أَمْ أَبَى، وَالمُؤْمِنُ قَدْ رَضِيَ بِعُبُوْدِيَّتِهِ لله تَعَالَى، وَمُقْتَضَى قَبُوْلِهِ بِهَا يُلْزِمُهُ بِوَاجِبَاتٍ يَفْعَلُهَا، ومَنْهِّيَاتٍ يَجْتَنِبُهَا، وَحُدُوْدٍ يَقِفُ عِنْدَهَا [وَتِلْكَ حُدُوْدُ الله وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُوْدَ الله فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ] {الْطَّلَاقِ:1}.
وَالْحَاجُّ حِيْنَ يَتَلَبَّسُ بِإِحْرَامِهِ فَقَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ بِمَنَاسِكِهِ، وَأَعْلَنَ الْتِزَامَهُ بِهَا حِيْنَ قَالَ: لَبَّيْكَ الْلَّهُمَّ لَبَّيْكَ، أَيْ: اسْتَجَبْتُ لَكَ يَا رَبُّ، وَعَلَيْهِ أَرْكَانٌ وَوَاجِبَاتٌ لَا بُدَّ مِنْ أَدَائِهَا، وَمَحْظُوْرَاتٌ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِنَابِهَا مَادَامَ مُتَلَبِّسَاً بِالْإِحْرَامِ، فَهَذَا الِالْتِزَامُ بِفِعْلِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَوَاجِبَاتِهِ، وَاجْتِنَابِ مَحْظُوْرَاتِهِ، هُوَ تَرْبِيَةٌ لِلْمُؤْمِنِ عَلَى الِالْتِزَامِ الْدَّائِمِ بِفِعْلِ الطَّاعَاتِ وَمُجَانَبَةِ المُحَرَّمَاتِ؛ فَإِنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى أَدَاءِ مَنَاسِكِ الْحَجِّ، وَتَعْظِيْمِ شَعَائِرِهِ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الِالْتِزَامِ بِتَعْظِيْمِ حُرُمَاتِ الله تَعَالَى فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَالُمَحَافَظَةِ عَلَى أَوَامِرِهِ، وَمَنْ مَنَعَ نَفْسَهُ أَثْنَاءَ إِحْرَامِهِ مِمَّا هُوَ مُبَاحٌ لَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَىَ مَنْعِ نَفْسِهِ مِنَ المُحَرَّمَاتِ طِيَلَةَ عُمُرِهِ.
وَانْتِقَالُ الْحَاجِّ مِنْ نُسُكٍ إِلَى نُسُكٍ يَذَكِّرُهُ بِانْتِقَالِهِ فِيْ حَيَاتِهِ الْدُّنْيَا مِنْ طَاعَةٍ إِلَى طَاعَةٍ.. فَالْحَاجُّ تَثْقُلُ عَلَيْهِ المَنَاسِكُ فَإِذَا أَخَذَ نَفْسَهُ بِالْعَزْمِ، وَعَوَّدَهَا عَلَى الْحَزْمِ؛ أَتَى بِالمَنَاسِكِ عَلَى خَيرِ وَجْهٍ، وَتَحَمَّلَ فِيْهَا المَشَاقَّ وَالمَكَارِهَ، حَتَّى يُتِمَّ نُسُكَهُ عَلَى أَفْضَلِ وَجْهٍ. وَمَنْ تَقَاعَسَ وَتَثَاقَلَ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ المَنَاسِكُ وَلَرُبَّمَا أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا أَوْ تَرْكَ مَا يُنْقِصُ نُسُكَهُ أَوْ يُبْطِلُهُ، وَهَكَذَا المُؤْمِنُ إِذَا أَخَذَ نَفْسَهُ بِالْحَزْمِ فِيْ الطَّاعَاتِ وَاجْتِنَابِ المُحَرَّمَاتِ هَانَتْ عَلَيْهِ وَاعْتَادَهَا وَوَجَدَ لَذَّتَهَا كَمَا يَجِدُ الْحَاجُّ لَذَّةَ إِتْمَامِ النُّسُكِ.. وَإِذَا تَثَاقَلَ عَنْ بَعْضِهَا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ حَتَّى يُفْرِّطَ فِي الْوَاجِبَاتِ وَيَقَعَ فِيْ المُحَرَّمَاتِ.
وَلِلْحَجِّ أَيَّامٌ وَفِيْ أَيَّامِهِ أَعْمَالٌ؛ فَفِيْ أَوَّلِهِ الإحْرَامُ وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَالْسَّعْيُ بَيْنَ الْصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ الِانْتِقَالُ فِيْ الْيَوْمِ الْثَّامِنِ إِلَى مِنَىً، وَالمَبِيْتُ بِهَا لَيْلَةَ الْتَّاسِعِ، وَالمَسِيرُ إِلَى عَرَفَةَ فِيْ صُبْحِهَا وَالْوُقُوْفُ بِهَا إِلَى مَغِيْبِ الْشَّمْسِ، ثُمَّ المَبِيْتُ بِمُزْدَلِفَةَ لَيْلَةَ الْنَّحْرِ، وَالْرَّمْيُ وَالْحَلْقُ وَالْنَّحْرُ وَالْحِلُّ وَالْطَّوَافُ بِالْبَيْتِ يَوْمَ الْعِيْدِ، ثُمَّ الْعَوْدَةُ إِلَى مِنَىً لِلْمَبِيْتِ بِهَا وَرَمِيُ الْجِمَارِ، إِلَى أَنْ يُوَدِّعَ الْبَيْتَ بِالْطَّوَافِ فِيْ آَخِرِ حَجِهِ..
كُلُّ هَذِهِ الْتَّنَقُّلَاتِ الْزَّمَانِيَّةِ وَالمَكَانِيَّةِ فِيْ الْحَجِّ تُذَكِّرُ المُؤْمِنَ بِانْتِقَالِهِ مِنْ زَمَنٍ إِلَى زَمَنٍ فِيْ مَرْضَاةِ الله تَعَالَى، وَمِنْ طَاعَةٍ إِلَى طَاعَةٍ، فَمَنْ صَابَرَ عَلَى الطَّاعَاتِ وَمُجَانَبَةِ المُحَرَّمَاتِ فَهُوَ مُرَابِطٌ عَلَى عَهْدِهِ لله تَعَالَى، مُحَقِّقٌ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ [يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آَمَنُوْا اصْبِرُوا وَصَابِرُوْا وَرَابِطُوْا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُوْنَ] {آَلِ عِمْرَانَ:200} .
وَالْحَاجُّ يَعْمَلُ فِي مَنْسَكِهِ عَمَلَاً كَثِيْرَاً، وَيَتَحَمَّلُ مَشَقَّةً كَبِيْرَةً، وَمَعَ ذَلِكَ يُتِمُّ المَنَاسِكَ المَأْمُوْرَ بِهَا، وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ المُؤْمِنُ عَلَى الْدَّوَامِ فِيْ إِتْمَامِ الطَّاعَاتِ، وَلَا تُقَارَنُ مَشَقَّةُ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَهُوَ سَفَرٌ وَتِرْحَالٌ وَزِحَامٌ وَكَثْرَةُ تَنَقُلٍ.. لَا تُقَارَنُ بِالْعِبَادَاتِ الْأُخْرَى الَّتِي يَقُوْمُ بِهَا المُؤْمِنُ حَالَ إِقَامَتِهِ، فَكَيْفَ يَقْدِرُ كَثِيْرٌ مِنَ الْنَّاسِ عَلَى مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَلَا يَقْدِرُوْنَ عَلَى الِالْتِزَامِ بِالْطَّاعَةِ عَلَى الْدَّوَامِ وَهِيَ أَهْوَنُ مِنَ الْحَجِّ؟! وَكَيْفَ يَحْبِسُونَ أَنْفُسَهُمْ عَنْ مَحْظُوْرَاتِ الْإِحْرَامِ حَالَ تَلَبُسِهِمْ بِهِ وَفِيْ حَبْسِهِمْ لَهَا مِنَ الْرَهَقِ مَا فِيْهِ وَلَا يَقْدِرُوْنَ عَلَى مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مُجَانَبُةُ سَائِرِ المُحَرَّمَاتِ التِي جَعَلَ اللهُ تَعَالَى فِيْ المُبَاحَاتِ مَا يُغْنِي عَنْهَا؟!
إِنَّ سَبَبَ ذَلِكَ هُوَ أَنَّ المُتَلَبِّسَ بِالنُّسُكِ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَحِلُّ مِنْهُ بَعْدَ أَيَّامٍ، فَيَقْهَرُ نَفْسَهُ فِيْ تِلْكَ الْأَيَّامِ الْقَلْائِلِ.. لَكِنَّهُ يَعْجَزُ عَنْ قَهْرِهَا عَلَى مَا هُوَ أَقَلُّ مِنَ ذَلِكَ إِذَا كَانَ عَلَى الْدَّوَامِ.. وَلَوْ أَنَّ المُؤْمِنَ اسْتَشْعَرَ سُرْعَةَ انْقِضَاءِ الْدُّنْيَا كَمَا تَنْقَضِي المَنَاسِكُ لِمَا طَالَ أَمَلُهُ فِيْهَا، ولاسْتَغْرَقَ زَمَنَهَا فِيْمَا يُرْضِي اللهَ تَعَالَى، وَجَانَبَ مَا يُسْخِطُهُ. وَقَدْ قَالَ الْنَّبِيُّ ^:«مَا الْدُّنْيَا فِيْ الْآَخِرَةِ إِلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ أُصْبُعَهُ فِيْ الْيَمِّ ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِيْ حَدِيْثِ آَخَرَ مَثَّلَ الْنَّبِيُّ ^ عَيْشَهُ فِي الْدُّنْيَا بِوَقْتِ الْقَيْلُولَةِ مِنْ قِصَرِهِ فَقَالَ ^:«مَالِيْ وَلِلْدُّنْيَا إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ الْدُّنْيَا كَمَثَلِ رَاكِبٍ قَالَ-أَيْ نَامَ- فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ فِيْ يَوْمٍ صَائِفٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا»رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَفِيْ عُمْرَانِ مَشَاعِرِ المَنَاسِكِ أَيَّامَ الْحَجِّ بِالسَّاكِنِينَ عِبْرَةٌ أَيُّ عِبْرَةٍ.. فَمِنَىً وَمُزْدَلِفَةُ وَعَرَفَاتٌ خَالِيَةٌ مِنَ الْنَّاسِ طِيَلَةَ الْعَامِ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْثَّامِنِ مِنْ ذِيْ الْحِجَّةِ تَقَاطَرَ الْنَاسُ عَلَى مِنْىً حَتَّى تَمْتَلِئَ بِهِمْ وَتَزْدَحِمَ، وَفِيْ صَبِيحَةِ الْتَّاسِعِ يَتَوَافَدُوْنَ عَلَى عَرَفَةَ فَمَا تَزُوْلُ الْشَمْسُ إِلَّا وَقَدْ اكْتَظَّتْ بِالْنَّاسِ، وَفِيْ الْلَّيْلِ تَمْتَلِئُ بِهِمْ مُزْدَلِفَةُ إِلَى فَجْرِ الْنَّحْرِ..
وَالْأَرْضُ حِيْنَ أَهْبَطَ اللهُ تَعَالَىْ عَلَيْهَا آَدَمَ وَحَوَّاءَ عَلَيْهِمَا الْسَّلامُ كَانَتْ خَالِيَةً مِنَ الْبَشَرِ، وَظَلَّتْ بِتَعَاقُبِ الْقُرُوْنِ تُعْمَرُ بِهِمْ إِلَى أَنْ بَلَغَتْ أَعْدَادُهُمْ فِيْ زَمَنِنَا سِتَّةَ مِلْيَارَاتِ نَسَمَةٍ، فَكَمْ فِيْ الْأَرْضِ مِنَ الْدُّوَلِ وَالمُدُنِ وَالْحَرَكَةِ وَالضَّجِيْجِ وَالْعُمْرَانِ؟! وَكُلُّ ذَلِكَ سَيَأْتِي عَلَيْهِ يَوْمٌ يَنْتَهِي حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَسَتَعُودُ الْأَرْضُ مَرَّةً أُخْرَى مُقْفِرَةً مِنَ الْبَشَرِ حِيْنَ يَأْذَنُ اللهُ تَعَالَىْ بِانْتِهَاءِ الْعَالَمِ الْدُّنْيَوِيِّ، وَانْتِقَالِ الْبَشَرِ إِلَى الْعَالَمِ الْأُخْرَوِيِّ.. فَمَا أَبْلَغَهَا مِنْ عَبْرَةٍ، وَمَا أَعْظَمَهَا مِنْ عِظَةٍ لَوْ وَعَاهَا الْنَّاسُ وَعَقَلُوْهَا، وَهُمْ يَرَوْنَ الْحَجِيْجَ يَعْمُرُونَ المَشَاعِرَ المُقَدَّسَةَ فِيْ أَيَّامٍ مَعْدُوْدَاتٍ ثُمَّ يُفَارِقُونَهَا؟!
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَىْ أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا لِلْعَمَلِ بِمَا عَلَّمَنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الاعْتِبَارَ بِمَا يَمُرُّ بِنَا، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ.
أَعُوْذُ بِالله مِنَ الْشَّيْطَانِ الْرَّجِيْمِ [وَمَا أُوْتِيْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الْدُّنْيَا وَزِيْنَتُهَا وَمَا عِنْدَ الله خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُوْنَ] {الْقَصَصَ:60}
بَارَكَ اللهُ لي وَلَكُم....

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بَيْنَ الحَجِّ وَالحَيَاةِ الْدُّنْيَا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مَظَاهِرُ التَّوْحِيْدِ فِيْ الحَجِّ (5)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الساحة الإسلامية :: الأقسام الشرعية :: ••زاد الخطيب ..«-
انتقل الى: