أختاه إذا أردت أن تعرفي صفات صديقات السوء فخُذيها من القرآن.
يقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ
خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَـٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي
جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا
كَالِحُونَ * أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا
تُكَذِّبُونَ * قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا
قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا
فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ *
إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا
فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون: 103-109].
فريق من عباد الله طيبين طاهرين، رجالًا ونساءً، فهل انضممتنَّ إليهم؟ هل سرتنَّ في طريقهم؟
{فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ} [المؤمنون: 110].
اشتغلتنَّ بالاستهزاء بهم، والضحك عليهم، وكان الأَولى أن تكنَّ معهم، وتذكرن الله ربكنّ، ثم الجزاء يوم القيامة، ماذا يكون؟
{إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} [المؤمنون: 111].
حياتهنَّ سخرية، وعيشهنَّ استهزاء، ودنياهنَّ لهو ولعب.
منازلهن
الأسواق، ومجالسهن الفسق والفجور ومساوئ الأخلاق، وكلامهنَّ الغيبة
والنميمة، والفحش وتمزيق الأعراض، وشرابهن الدخان والمفترات والمخدرات.
تعلو شفاههنَّ الضحكات العاليات، وتعلو أبصارهنَّ الغشاوة، وفي آذانهن وقرٌ عن سماع الهدى.
بصائرهنَّ مطموسة، وقلوبهنَّ منكوسة، أعينهنَّ متحجرة، وأفئدتهنَّ معمية.
تجدين في مجالسهنَّ كلَّ شيء إلا القرآن، وتلقين على ألسنتهنَّ كلَّ شيءٍ إلا ذِكر الله.
يسمعن صوت الحقِّ يصدح في بيوت الله، فلا يقمن يصلين، بل يقدمن عليه اللهو واللعب.
حياتهن طعامٌ وشرابٌ ولعبٌ ونوم: {يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ} [محمد: 12].
لا يعرفن طعم الإيمان، ولا لذَّة الصلاة.
هربن من المَلِكِ وهنَّ إماؤه، وبين يديه، وفي قبضته.
الله أكبر! والله إني لأعجب.
كيف يهربن منه وهو الرحمن الرحيم؟!
كيف يهربن منه وهو الجواد البرُّ الكريم؟!
ما الذي فعله بهنَّ حتى عصينه ولم يطعن أمره؟! ألم يخلقهن؟! ألم يرزقهن؟! ألم يعافهنَّ في أجسامهنَّ وأموالهن؟!
كيف يهربن منه وهو الجبار المهيمن؟!
كيف يهربن منه وهو القويُّ العزيز؟!
كيف يُلبين دعوة الشيطان ويتركن دعوته؟!
كيف يهربن من كلامه وكتابه. أغراهنَّ حِلم الحليم، أغراهن كرم الكريم.
أأمنَّ مكر القوي العزيز؟! أأمنَّ انتقام ذي الانتقام؟
ألم يخفن أن يأتيهنَّ ملك الموت وهنَّ على المعاصي عاكفات؟
ألم يخفن أن يأتيهن ملك الموت وهن للصلاة مضيعات؟
ألم يخفن أن يأخذهنَّ الله أخذ عزيز مقتدر؟
{أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّـهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99].
أختاه عودي
إلى ربِّك، واتَّقي النار، اتَّقي السعير، إنَّ أمامك أهوالًا وصعابًا،
إنَّ أمامك نعيمًا وعذابًا، إنَّ أمامك ثعابين وحيَّات وأمورًا هائلات،
والله الذي لا إله إلا هو لن تنفعك الضحكات، لن تنفعك القصَّات
والتسريحات، لن تنفعك الأغاني الماجنة، لن تنفعك الموديلات، لن تنفعك
إلاَّ الحسنات والأعمال الصالحات.
ألا وإني أدعوك إلى ترك رفيقات السوء وصديقات الفساد وجليسات الهوى.
ابتعدي عنهنَّ، ولا تقتربي منهنَّ، قبل أن تندمي في يومٍ لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.
ثم سيري في
طريق الهداية مع تلك الوجوه الطيِّبة النيرة، مع تلك القلوب البيضاء
النقية، مع تلك الألسن النظيفة الطرية، اصحبي أهل الخير والقرآن، انضمي
إليهن تشعري بطعم الحياة وحلاوة الإيمان، ويوم القيامة تحشرين معهن إلى
الجنات الطيبات بإذن الله.
وانظري إلى ثواب الخليلات والصديقات المتقيات، يوم القيامة يقول الله: {الْأَخِلَّاءُ
يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ * يَا
عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ *
الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا
الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِم
بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ ۖ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ
وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ۖ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ
الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ
فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ} [الزخرف: 67-73].
قال صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله» وذكر منهم «... رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه» [رواه البخاري].
وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي، يوم لا ظل إلا ظلي» [رواه مسلم].
وقال صلى الله عليه وسلم: «قال الله عز وجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء» [رواه الترمذي، حسن صحيح].
وقال عليه الصىلاة والسلام: «قال الله تعالى: وجبت محبتي للمتحابين في، والمتجالسين في، والمتزاورين في، والمتباذلين في» [رواه النووي، حديث صحيح].