همســــــات للنفس يا نفس .. إذا كانت الهدايةإلى الله مصروفة ، والاستقامة على مشيئته موقوفة والعاقبة مغيبة ، والإرادة غيرمغالبةفلا تعجبي بإيمانك وعملك وصلاتك وصومك وجميع قربكفإن ذلك وإن كان من كسبك فإنه من خلق ربك وفضله عليك وخيره
فمهما افتخرت بذلك كنت كالمفتخرة بمتاع غيرها وربما سُلب عنك فعاد قلبك من الخير أخلى من جوف البعيرفكم من روضة أمست وزهرها يانع عميم فأصبحت وزهرها يابس هشيمإذ هبت عليهاالريح العقيم
كذلك العبد يمسي وقلبه بطاعة الله مشرق سليم
فيصبح وهو بمعصيةالله مظلم سقيم ذلك
فعل العزيز الحليم الخلاق العليم
يا نفس /... مالك من صبر على النار ، نوم بالليل وباطل بالنهاروترجين أن تدخلي الجنة هيهات هيهاتمتى العمل فاستيقظي يا نفس ويحك
واحذري حذرا يهيج عبرتي ونحيبي
وتجهزي بجهاز تبلغين به شاطئ الأمان فلم ينل المطيعون
ما نالوا من حلول الجنان ورضا الرحمن إلا بتعب الأبدان
والقيام لله بحقه في المنشط والمكره
يا نفس ... ما أصعب الانتقال من البصر إلى العمىوأصعب منه الضلالة بعد الهدىوالمعصية بعد التقى
كم من وجوه خاشعة وقعت على قصص أعمالها عاملة ناصبة تصلى نارا حامية
وكم من شارف مركبه ساحل النجاة فلما هم أن يُرتقي
لعب به موج فغرق الخلق كلهم تحت هذا الخطر
فقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء
ما العجب ممن هلك كيف هلك إنما العجب ممن نجاكيف نجا .
يا نفس ... كيف يوفق لحسن الخاتمة من أغفل الله سبحانه قلبه عن ذكرهواتبع هواه وكان أمره فرطا ؟ !! فبعيد من قلبه بعيد من الله تعالىغافل عنه متعبد لهواه أسير لشهواته
لسانه يابس عن ذكره وجوارحه معطلة عن طاعته
مشتغلة بمعصيته فبعيد عن هذا أن يوفق للخاتمة بالحسنى
يانفس... أما الورعون فقد جدواوأما الخائفون فقد استعدواوأما الصالحون فقد فرحوا وراحوا
وأما الواعظون فقد نصحوا وصاحوا
العلم لا يحصل إلا بالنصب والمال لا يجمع إلا بالتعب
فإن حرصت على الخلاص فاعلمي أنه من عزم بادر ومن هم ثابر
ولا ينال العز والمفاخر من كان في الصف الآخر ..
يا نفس ... بادري بالأوقات قبل انصرامهاواجتهدي في حراسة ليالي الحياة وأيامهافكأنك بالقبور وقد تشققت وبالأمور وقد تحققت وبوجوه المتقين
وقد أشرقت وبرؤوس العصاة وقد أطرقت
قال تعالى ( وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَافَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ ) السجدة 12 .
يانفس.. . أما لك في الصالحين أسوة- كان عامر بن عبد الله بن قيس التابعي قدجعل عليه كل يوم ألف ركعةفلا ينصرف منها إلا وقد انتفخت قدماه وساقاه ثم يقول لنفسه : يا نفس بهذا أمرت
ولهذا خلقت يوشك أن يذهب العناء
يا نفس إنما أريدإكرامك غدا
والله لأعملن بك عملا حتى لا يأخذ بالحق منك نصيب
قومي فوعزة ربك لأزحفن بك زحف البعير
ولئن استطعت أن لا يمس الأرض من زهمك لأفعلن ثم يتلوى كما تتلوى الحية
على المقلى ثم يقوم فينادى : اللهم إن النارقد منعتني من النوم فاغفر لي .
-وكان زياد بن زياد يخاصم نفسه في المسجد فيقول : اجلسي تريدين الخروج أين تذهبين؟أتخرجين إلى أحسن من هذاالمسجد ، انظري إلى ما فيهتريدين أن تبصري دار فلان ودار فلان ودار فلان
ما لك من الطعام يا نفس إلا هذا الخبز والزيت
وما لك من الثياب إلا هذين الثوبين
وما لك من النساء إلا هذه العجوز
- وقال الجنيد : أرقت ليلةوفقدت حلاوة وردي ثم اضطجعت لأنام فتمايلت حيطان البيت وكاد السقف أن يسقطفخرجت فإذا برجل ملتف بعباءة مطروح في الطريقفقال إلي الساعة ، قلت موعدقال بلى سألت محرك القلوب أن يحرك قلبك
قلت قد فعل ، قال متى يصير داء النفس دواءها
قلت إذا خالف هواها قال : يا نفس اسمعي أجبتك به مرات ف
أبيت إلا أن تسمعيه من الجنيد ثم انصرف
- وعن مسمع بن عاصم المسمعي قال كانت بالبحرين امرأة عابدة يقال لها [منيفة ] فكانت إذا هجم الليلعليها قالت بخ بخ يا نفسقد جاء سرور المؤمن فتتحزم وتلبس وتقوم إلى محرابهافكأنها الجذع القائم
حتى تصبح فإذا أصبحت وأمكنت الصلاة فإنما هي في صلاة حتى ينادي بالعصر
فإذا صلت العصر هجعت إلى غروب الشمس فكان هذا دأبها
فقيل لها لوجعلت هذه النومة في الليل كان أهدأ لبدنك
فقالت لا والله لا أنام في ظلمة الليل ما دمت في الدنيا
فمكثت كذلك أربعين سنة .
منقول**